نجوم الفتوة... أين هم؟

من العصر الذهبي للفتوة

يسأل الكثير من الناس أين ذهب طاقم نادي الفتوّة، من لاعبين وإداريّين ونجومٍ سابقين؟ وما هو موقفهم من الثورة؟ "عين المدينة" جالت بحثاً عنهم، فتمكّنت من الحديث مع بعضهم، ومن الحصول على أخبار البعض.

نــــادي الفتوّة، أو الفارس الأزرق كمــا أطلــق عليــــه المــعـلّقـون الرياضيـــون، أو الآزوري كـمــا يحب أهل المدينة تسمية ناديهــــم؛ الذي تملّك عشقه قلــــوب الكثــير منهم، أصبح اليوم أطلالاً بعد أن كان بسمةً سلبتها منهم آلة البطش الأسديّة.

 

النادي العريق

فتوة3

يعود تأسيس نادي الفتوّة إلى العام 1930، وكان يسمّى نادي الكوخ. ثم تحول اسمه إلى نادي غازي، نسبةً إلى الملك غازي بن فيصل الأول بن الحسين، الذي حكم العراق. وشارك النادي لأوّل مرةٍ في بطولة الدوري السوري عام 1953. وفي عام 1972 تم تغيير الاسم إلى نادي الفتوّة.
ولعل حقبة أواخر الثمانينيّات وأوائل التسعينيّات كانت الحقبة الذهبية للنادي، حين حصد أغلب ألقابه، ففاز ببطولة دوري كرة القدم مرّتين، وبكأس الجمهورية 4 مرات. وكان من أبرز نجومه في تلك المرحلة هشام الخلف ومحمود الحبش ومهند السالم وحسام علوش وغيرهم من اللاعبين، الذين كان يقودهم المدرّب أنور عبد القادر، الذي تغنّت به وبفريقه جماهير الدير، فكانت تهتف لهم بالعاميّة: "طبّت قافلة الأمراء... قائدها أبو البراء".

 

لاعبون لم يتركوا اللعب

للتذكير، كانت آخر مباراةٍ خاضها نادي الفتوّة في مدينة دير الزور في الجمعة الأولى للثورة السورية. وقتها شعر الجمهور بالإهانة من سعي الحَكَم لمنح الفوز لأحد الاندية التي يدعمها آل الأسد، فانتفض المشاهدون صابّين جام غضبهم على جهاز الأمن العسكريّ الذي حاول تفريقهم، معتبراً ما حدث مظاهرة!
بعدها توقف الدوري. وعند محاولة النظام إعادته، رفض الكثير من اللاعبين العودة إلى اللعب تضامناً مع أهلهم، ولم يشارك النادي في الدوري خلال السنتين الماضيتين، فيما انتقل عددٌ من اللاعبين إلى اللعب مع أنديةٍ أخرى، ومنهم: عديّ جفال، محمد عبّادي، زين الفندي، ومحمد كنيص، الذي اعتقلته قوات النظام في دمشق مؤخراً.
أما عمر السومة فقد انتقل إلى الكويت للعب مع أحد الأندية هناك، وترك المنتخب السوريّ، بعد أن رفع علم الثورة في آخر مباراةٍ لعبها في صفوفه.

 

إداريون ونجومٌ سابقون

وليد مهيدي

وليد مهيدي

الكابتن وليد مهيدي، أحد مدرّبي الفريق ونجوم لاعبيه القدماء، انشقّ عن الاتحاد الرياضي التابع للنظام، وأسّس مع بعض الرياضيين السوريين الاتحاد الرياضي الحرّ. التقينا به فحدّثنا عن الاتحاد الجديد قائلاً: "نحن نرى في هذا الاتحاد بدايةً جيدة،وخاصةً بعد ما حققه أبطالنا في رياضة الكاراتيه مؤخراً في أثينا، فبدأت الاتحادات الدولية تقبل عضويتنا. ونحن في صدد إعداد اتحادٍ رياضيٍّ قادرٍ على سحب البساط من الاتحاد الذي يتبع النظام. أما عن بعض لاعبي الفتوّة فأنا أستغرب من الذين اتخذوا قرارهم باللعب في الدوري، كيف سمح لهم ضميرهم باتخاذ هذا القرار وأهل دير الزور مهجّرون ويعانون من ويلات الحرب ما يعرفون هم! لن ينسى جمهور النادي هذه الخيانة لدماء أبنائهم ولثورتهم المباركة".
أما النجم السابق مقداد السوادي، الذي انخرط في الثورة منذ بدايتها، فشرح لنا الارتباط بين الرياضة والثورة قائلاً: "الرياضيون شريحة من شرائح المجتمع والثورة. وحال اللاعبين اليوم هو انعكاسٌ لحالة المجتمع الديري، فتجد منهم المقاتل والإغاثي والإعلامي، وتجد من التزم الصمت، ومن اصطفّ مع النظام. تشتهر مدينة دير الزور بشيئين جميلين؛ الجسر المعلق ونادي الفتوة. وقد دمّر النظام هذين المعلمين الجميلين، ولم يبقَ لأهل المدينة سوى الوقوف على أطلالهما واسترجاع الذكريات الجميلة".

الكابتن خالد الحسن، الإداري في فريق الشباب، والذي التحق بالعمل الإغاثي في المدينة، حدثنا عن ذكريات الفتوّة وصداها في نفوس الناس، قائلاً: "من المستحيل أن يُمحى نادي الفتوة من الذاكرة، حتى لو تفرّغنا بكل ما نملك للثورة. وعند النصر ستسهم عودة الفتوّة في بلسمة جراح الناس وإعادة البسمة إلى شفاههم. هناك لاعبون من النادي يخوضون اليوم المعارك الشرسة من أجل أن تحيى الناس بكرامة؛ هؤلاء لا تجوز مقارنتهم بمن يلعب مع منتخب النظام".

 

الجيل الحالي

فتوة2

التحق اللاعبون أكثم ومعمر وماهر الهمشري بالثورة جميعاً، فمنهم من يعمل في الإغاثة ومنهم من يقاتل مع الجيش الحرّ، برفقة اللاعبين قاسم بهاء ومحمود الخالد. أما النجم أحمد الشوا، الذي شارك بالثورة منذ بدايتها كإعلاميّ، فتحدّث لنا عن كيفية التحق بالثورة، قائلاً: "لم أرضَ أن أرى أهلي وأخوتي يعانون وأقف دون أن أتحرك، فتركت كرة القدم واتخذت قراري بأن أكون مع ثورتهم. فليس من الرجولة أن تلعب لترفع اسم من يقتل إخوتك حتى لو كنت محتاجاً إلى المال. جمهور الفتوّة هو من كان يقف خلفنا ويمدّنا بالعزم لنقدم أجمل ما لدينا، فلا يمكن أن تردّ له الجميل بخيانة دمائه".
واختار بعض اللاعبين أن يترك اللعب تضامناً مع الثورة، ومنهم النجم رامي النجرس، الذي قال: "جماهير نادي الفتوّة أخلصت لنا ولنادينا، ووقفت معنا في أصعب الظروف. ومن حقّ الجمهور أن نقف معه في ثورته. وكلمتي لهم أن الدير ستعود إن شاء الله، ويعود الفتوّة أفضل مما كان، بهمّتكم وسواعدكم".
النادي اليوم ومنذ بضعة أيام، قرّرت إدارة النادي التي عيّنها النظام العودة إلى المشاركة في المسابقات الرسمية. وقد أثار هذا القرار استنكار وسخط الجميع من لاعبين وجمهور، في ظلّ الظروف الراهنة التي تعيشها دير الزور خاصةً وسوريا عامة، إذ اعتبروها خيانةً لدماء شهداء دير الزور ونادي الفتوّة، ومنهم الشهيد أحمد مشرف والشهيد عقبة عاشور.
ويذكر أن اللاعبين والإداريين الذين وافقوا على المشاركة هذا العام هم: علي علاوي، علي بعاج، ورد الحامد، أمير النجم، وليد الخالد، فاتح العمر، شاكر الرزج، إبراهيم دخول، حارث النايف، عبد الكريم فتيح، محمد حيزة، سليمان الخالد،عبد الإله رمضان، ماهر الفرج، مزاحم حويج.
ولعل بعض هؤلاء اللاعبين قد غُرِّر به عن طريق المال، لكن هذا لن يكون شفيعاً له أمام الجمهور الذي رأى في هذه المشاركة غدراً به، وتحقيراً لتاريخ النادي العريق، وانتقاصاً من هيبة مدينة دير الزور، التي قدّمت الكثير الكثير في الثورة السورية.

أهم الإنجازات في تاريخ نادي الفتوّة - بطولة الدوري (مرّتان، عامي 1990 و 1991). - كأس الجمهورية (4 مرات، في أعوام 1988 و 1989 و 1990 و 1991). - كأس الكؤوس السورية (عام 1990). - كأس السوبر السوري (1991). - كأس سوريا ولبنان (1991). ويعدّ النادي الأكثر وصولاً إلى المباراة النهائية لبطولة كأس الجمهورية بكرة القدم من بين الأندية السوريّة، إذ وصل إليها 9 مرات متتالية. ويعدّ جمهور الفتوّة واحداً من أكبر جماهير الأندية الكروية في سورية.