مواقع التواصل الاجتماعيّ بوابة المرأة على عالم التكنولوجيا

تكنولوجيا المعلومات عالمٌ ظلّ وقتاً طويلاً خارج خارطة اهتمامات المرأة السورية عموماً والمرأة في دير الزور بصورةٍ خاصة، حتى صار هذا القطّاع يأخذ طابعاً ذكورياً في كثيرٍ من الحالات. فكان من النادر أن تجد سيدةً تهتم بعالم الحاسوب مثلاً أو تعنى بالتقنيات الحديثة لوسائل الاتصال، إلا ما تعلق منها بأجهزة الموبايل الحديثة وتباهي البعض بامتلاكها.

بعد الثورة أين تقف المرأة بالنسبة لعالم التكنولوجيا؟ "عين المدينة" حاولت رصد هذه القضية من خلال استطلاع رأي العديد من النساء. حدثتنا المهندسة نور راغب المحمد عن معاناتها مع واقع المرأة قبل الثورة في هذا المجال، فقالت: حين اخترت فرع هندسة الحاسوب، قبل الثورة بعدة سنوات، كان الحديث عنه في التجمعات النسائية حديثاً ضبابياً. فنسبة النساء اللواتي كنّ يجدن التعامل مع الحاسوب لم تكن تتجاوز 5% برأيي، وغالبيتهن بالطبع كنّ جامعياتٍ يستخدمنه لأغراضٍ بحثية، كما عرفته بعض الإناث في الدوائر الرسمية ولكنه كان - بالنسبة إلى الكثيرات - بمثابة آلةٍ كاتبةٍ حديثة. تغير هذا الحال مع ظهور الكمبيوتر المحمـــــول الذي مالت بعض الفتيات إلى اقتنائه، ولكن هذه النســــبة ظلت منخفضةً بسبب غلائه من جهة، ومن جهةٍ أخرى لأن غالبيتهن لم يجدن استخداماً مناسباً له في حياتهنّ اليومية يتعدّى اعتباره مسجلةً حديثةً يمكن من خلالها تشغـــــيل الأغاني وأحياناً مقاطع الفيديو. ربما كان البلد يحتاج إلى ثورةٍ حقيقيةٍ لكي تتغيّر طريقة تعامل إناثه مع التكنولوجيا، وهذا ما حدث بالفعل بعد عام 2011 وقيام الثورة السورية الدامية.

التعرّف على الحاسب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي

الآنـــسة "حنان م" ناشـطةٌ وإعلاميةٌ تحدثت عن تجربتها مع أجهزة الحاسوب والتقنيات الحديثة، وحاولت تسليط الضوء على واقع المرأة بعد الثورة من هذه الناحية، فقالت: قبل الثورة السورية كان لديّ العديد من الاهتمامات إلا أن تكنولوجيا المعلومـــات لم تكن تستهويني. ولم يكن هذا غريباً فقليلاتٌ جداً من النساء من كنّ يجدن استخدام الحاسوب. تغيّر هذا الحال بعد الثورة، حين صار الحاسوب هو الوسيلة الأساسية للنفاذ إلى عالمٍ افتراضيٍّ احتضن الحراك السوريّ وأسهم في توسعه وانتــــــشاره، فكما كانت مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً هاماً في انتشار الثورة فقد لعبت أيضاً دوراً كبيراً في تعرّف النساء على الحاســــب وأجهزة الاتصال الذكية. وانخراط النســــاء في دير الزور بشكل واضحٍ جداً في الثورة شجعهنّ شيئاً فشيئاً على اقتحام هذا العالم، ومحاولة إفساح
مجالٍ ولو صغيرٍ لهنّ في داخله. كانت المرأة في البداية مجرّد متفرجٍ، ثم بدأت تشارك بشكلٍ نشطٍ في التصوير ورفع المقاطع وإدارة الصفحات الخاصة بالثورة. هذا كله جعل الحاسوب يتسلل إلى المنازل بسرعةٍ كبيرة، مما قاد إلى محاولة التعرف عليه أكثر والتعامل معه بإيجابية، ولكن هذا الأمر كان خاصـــاً بشريحةٍ عمريةٍ محددةٍ هي شريحة الشابات.

عقليّة الجدّات في عالمٍ ما بعد حداثيّ

وحول تأثير تجربة النزوح على تعامل السيدات مع الحاسب واصلت: بعد نزوح أهالي دير الزور وتشتتهم صرت تجد العائلة الواحدة منقسمةً في ثلاث أو أربع مدن، بسبب العمل والدراسة وظروفٍ أخرى، مما جعل شريحةً عمريةً أخرى تخترق حاجز التعامل مع الحاسب، وإن كان تعاملهنّ معه يقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بصورةٍ خاصة، بسبب وجود أبنائهنّ أو أقاربهنّ في مدنٍ أخرى، مما اضطرهنّ إلى محاولة التواصل مع هذا العالم، أو بسبب حالة البطالة التي آلت إليها أمهاتنا، فصرت تجد صفحة بعنوان أم أحمد أو أم نوار، وصفحة بعنوان زوجة فلان أو علان، أي أنهنّ دخلن وهن يحملن عقلية الجدّات في عالمٍ ما بعد حداثيّ. ولكن هذا لا ينفي أن الواتس آب أو الفيس بوك أو الفايبر في أيديهن هو من إنجاز الثورة والثورة وحدها.