في منطقة النظام بدير الزور: مشاريع المنظمات الدولية بلا أثر على حياة الفلاحين

دير الزور - من الإنترنت

بعد سيطرة النظام على ما يعرف بمنطقة الشامية في محافظة دير الزور في خريف العام 2017، أطلقت بعض منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الأجنبية المرخصة في دمشق، العديد من المشاريع الزراعية، لكنها لم تحقق الأهداف المرجوة من هذه المشاريع، بسبب هيمنة النظام والميليشيات بما ينتجه ذلك من فساد وانحرافات، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تركت آثارها على العمل الزراعي.

في هذه المشاريع تعمل المنظمات بالشراكة مع المؤسسات الحكومية التابعة للنظام، مثل مديرية الزراعة في دير الزور والمؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي، ومديرية التشغيل والصيانة بحوض الفرات الأدنى إضافة لاتحاد الفلاحين، وبإشراف مكتب التعاون الدولي في محافظة دير الزور. تحدد هذه المؤسسات وبالتنسيق مع الوزارات التابعة لها في دمشق المشاريع المقترحة على المنظمات التي تتلخص أعمالها في ثلاثة مجالات رئيسية، إعادة تأهيل منظومات الري، تقديم بعض المستلزمات الضرورية للعمل الزراعي، التدريب.

نفذ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومعه جزئياً منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAW)، مشاريع إعادة تأهيل محطات الضخ وقنوات الري في الشريط الممتد بين مدينة دير الزور ومدينة البوكمال، في كل من القطاع الثالث الممتد بين بلدتي المريعية وسعلو، والقطاع الخامس بين بلدتي محكان وسويدان شامية، والقطاع السابع بين قريتي القطعة والغبرة بريف البوكمال. وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية ضمن هذه القطاعات 28 ألف هكتار تقريباً.

يؤكد فلاحون من أبناء المنطقة أن بعض الأعمال المسجلة كأعمال منفذة ضمن هذه المشاريع، كانت أعمالاً وهمية مثل بعض تجهيزات محطة الضخ الرئيسية المغذية للقطاع الثالث في بلدة المريعية، وبعض أعمال الصيانة لقنوات الري في القطاع نفسه. فحتى الأشهر الأخيرة من سيطرة تنظيم داعش، لم تخرج هذه المحطة عن الخدمة، بل ظلت تعمل حينذاك، وقبل أن تقع المنطقة تحت سيطرة النظام التي ترافقت مع موجة نزوح كبيرة ثم أعمال سرقة منظمة نفذتها الميليشيات وطالت الممتلكات العامة والخاصة.

إلى جانب المنظمات التابعة للأمم المتحدة، تنشط منظمة أوكسفام (Oxfam) البريطانية في المنطقة الواقعة تحت سيطرة النظام بدير الزور، حيث نفذت المنظمة مشروع ري في بلدة التبني غرب دير الزور، وفي منطقة المياذين وبالشراكة مع الجمعية الفلاحية هناك بتقديم 6 محركات ضخ مع محولة كهرباء لهذه الجمعية. ونفذت منظمة الإسعاف الأولي الفرنسية (PUI) مشروع ري في بلدة حطلة في الضفة اليسرى من نهر الفرات شمال مدينة دير الزور.

رغم أهمية مشاريع الري، إلا أنها لم تكن كافية للنهوض بالعمل الزراعي، بسبب العقبات والتحديات الأخرى. فمع ارتفاع أسعار الوقود والبذار والأسمدة والأدوية الزراعية، ثم تكاليف النقل والتسويق، فضلاً عن الأتاوات التي تفرضها الحواجز التابعة لقوات النظام على المواد المنقولة بما فيها المحاصيل والمواد اللازمة في العمل الزراعي، يتضاءل المردود القليل أصلاً إلى حد الخسارة في كثير من المحاصيل.

وضمن هذا المشهد تبدو المنح والمساعدات التي تقدمها المنظمات للفلاحين بلا تأثير يذكر، لأنها محصورة بعدد قليل جداً من المستفيدين مثل مشاريع تقديم البذار المحسنة، أو لأنها غير كافية للفلاح الواحد مثل منح المشاريع الصغيرة التي تقدمها بعض المنظمات للفلاحين. ففي مشروع توزيع الأغنام الذي نفذه (UNDP) في الأشهر الأخيرة من العام 2020، كانت حصة المستفيد الواحد رأسي غنم فقط، وبلغ العدد الكلي للمستفيدين 150 مستفيداً، سارع معظمهم إلى بيع ما تلقاه لتجار وسماسرة كانوا حاضرين أحياناً لعمليات التوزيع.

وعلى نحو مشابه جاءت منحة (FAW) لدعم مربي الأبقار، التي تضمنت توزيع 1900 طن من العلف المركز لمربي الأبقار بحصة 500 كغ للمستفيد الواحد، وهي كمية لا تغطي احتياجات البقرة الواحدة لأكثر من 40 يوماً، مع الإشارة إلى أن معظم المربين يملكون بقرتين وأكثر. في هذا المشروع وكما في باقي المشاريع، كان المستفيد الرئيسي هم المتنفذون من أعضاء الجمعيات الفلاحية والمقربين من قادة وعناصر الميليشيات المنتشرة في مناطق التوزيع.