صُنَّاع السلام يتباحثون بينما يدفع أطفال حلب ثمن الحرب في سوريا

لويزا لفلوك وهبة دليواتي في كلّس التركية
وريتشارد سبنسر محرّر شؤون الشرق الأوسط
ديلي تلغراف/ 13 شباط
ترجمة مأمون حلبي

المتمرّدون في حلب يُهاجَمون الآن من قوّات الأسد في الجنوب، ومن المتمرّدين الأكراد في الغرب، ومن تنظيم الدولة الإسلامية في الشرق.

في وقتٍ كانت القوى العظمى تُجري فيه مباحثات سلامٍ في قاعاتٍ مذهّبةٍ كان أطفال سوريا يداوون جراحاتهم. أجنحة أحد المشافي الواقعة على حدود البلاد مع تركيا كانت تغصّ بضحايا آخر موجةٍ من موجات القتال حول حلب المحاصرة– ستالينغراد سوريا. من الجائز أن الولايات المتحدة وروسيا قد اتفقتا على وقفٍ لإطلاق النار، لكن ما من إشارةٍ تدلّ على ذلك هنا.

ضحايا كلّ المشاركين في الحرب يتمدّدون في أجنحة المشفى: ضحايا النظام والطائرات الروسية وتنظيم الدولة والميليشيات الكردية، وحتى ضحايا حرس الحدود الأتراك. يُظهر طابور المهاجمين هذا مدى الحصار الذي تعاني منه الأراضي الخاضعة لسيطرة المتمرّدين في حلب وريفها الشماليّ الممتدّ إلى الحدود التركية. إنها أراضي "المتمرّدين المعتدلين"، الـ70000 مقاتلٍ الذين ظنّ ديفيد كاميرون أنه بالإمكان تحويلهم إلى جيشٍ يقاتل داعش، لكنهم الآن يُسحقون بهجماتٍ كاسحةٍ من كلّ الأطراف.

كانت عفاف، 13 عاماً، بين أولئك الممدّدين في أجنحة المشفى. كانت الشظايا قد اخترقت جسدها، لكن جدتها تسميها "البنت المحظوظة". فقد تعرّضت جماجم إخوتها لكسور، ووالداها في العناية المشددة، ويحوم شبح الموت فوقهم جميعاً. تعرّضت عفاف للإصابة بفعل ضربةٍ جويةٍ روسية، وهذا ما حصل أيضاً مع فؤاد أصيل، 24 عاماً، الذي فقد ساقيه. في المشفى أيضاً مراهقٌ يعتني بأخيه الأصغر، الذي كان ممدّداً وهو يتألم من ساقيه المهشّمتين بفعل أحد صواريخ النظام بينما كان يحاول الهروب من مدينة الباب إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة المتمرّدين. "خالجنا الظن أن الجحيم موجودٌ في ذلك المكان"، قال الفتى، رافضاً التصريح باسمه حرصاً على سلامة أفراد العائلة الذين لا زالوا يعيشون في ظلّ حكم داعش. "كانت الحياة فظيعةً بالنسبة إلينا جميعاً، لكن أخي الصغير هو من عانى أكثر. كان يحبّ أن يتعلم وهم، ببساطةٍ، رفضوا السماح له بذلك". في جناحٍ آخر تمدّدت شيماء، 5 أعوام، إحدى عينيها غائبةٌ بالكامل والعين الأخرى بلا بصر. أخاها البالغ 12 عاماً كان ميتاً. كانت ميليشيا YPG هي من ابتلاها بالعمى وقتل أخاها بعد أن انهالوا بوابلٍ من الرصاص على الميكروباص الذي كانت العائلة تستقله في سعيها إلى الفرار من حلب. كان أفراد هذه الميليشيا يحاولون قطع أحد خطوط إمداد المتمرّدين. "لم تشاهد بلدها أبداً وقت السلم، والآن لن تشاهد أيّ شيءٍ مرّةً ثانية"، قال والدها. "عسى أن يحميها الله، إنها آخر من تبقى لنا". بعد ذلك، لدينا الرجل الذي أطلق حرس الحدود التركيّ عليه النار بينما كان يحاول الهروب من الكارثة التي تجتاح بلده. فبعد رحلةٍ مضنيةٍ من مدينة حمص، الواقعة تحت سيطرة النظام، ألقي القبض على جورج وضُرب من قِبل حرس الحدود التركيّ. وبعد أن أعادوه إلى الحرب التي كان قد تركها للتوّ، أطلقوا النار على ساقه من على مسافة 15 متراً. الأسبوع الماضي أطلق حرس الحدود النار أيضاً على فتاةٍ بينما كانت هاربةً مع أفراد عائلتها من القتال. حملها أفراد العائلة عائدين بها من أجل دفنها، وهي ملفوفةٌ بنفس البطانية التي كانت تحملها لتبقيها دافئةً في الليل.

إنها لمفارقةٌ أن هذه الإصابات قد تصادفت مع محادثات السلام في وقتٍ أسبق من هذا الشهر. يقول عصام، وهو أحد عمال الإنقاذ: "بعد التدخل الروسيّ تغيّر مستوى الدمار بشكلٍ كليّ، وهناك قرىً وضواحي بأكملها خاليةٌ من السكّان بسبب الضربات الجوية". الأسبوع الماضي جُرح عصام عندما أصابت إحدى الضربات منزلاً لأحد المدنيين. تبعتها ضربةٌ ثانيةٌ على بعد أمتارٍ عن فريق الإنقاذ. "كان على زملائي أن يحفروا لإخراجي من بين الركام، أما الناس الذين كانوا بجواري فقد كانوا موتى".

إن أخذنا في الاعتبار الفشل المتوقع لوقف إطلاق النار وللجولة المقبلة من محادثات جنيف للسلام، المقرّر أن تبدأ في 25 شباط، فإن السؤال المطروح هو ما الذي سيفعله الداعمون الغربيون والخليجيون بعد ذلك؟