تغيّرٌ نوعيٌّ يلحق بأسواق دير الزور... توقف تصدير النفط إلى الشمال، وانفتاحٌ على أسواق العراق

صهاريج نفط خام في دير الزور

كانت لسيطرة "الدولة الاسلامية" على دير الزور آثارٌ كبيرةٌ على الأسواق في مدن وبلدات المحافظة، وخاصةً مع إلغاء الحدود مع العراق.

عوامل عدةٌ جعلت من الميادين المركز الاقتصاديّ الأول في دير الزور بعد الثورة. وفي هذه المدينة يمكن رصد التحوّلات التي تطرأ على أسواق المحافظة، وخاصةً مع المقدرة المميزة لتجارها على التكيف مع هذه التغيرات، كما حدث مؤخراً بعد سيطرة "الدولة الاسلامية" على الأجزاء المحرّرة من المحافظة. فتغيرت أولاً، ونتيجةً لهذه السيطرة مع ما يرافقها من أحداث العراق، سوق النفط المستخرج من حقول دير الزور. فقد تراجعت، إلى حدٍّ كبيرٍ، عمليات بيع النفط الخام إلى محافظات الشمال والغرب السورية لصالح زبائن جدد في العراق، بعد أخضعت هذه الحقول لإدارةٍ مركزيةٍ صارمةٍ نظمت عمليات الاستخراج والبيع والتوزيع. فلم تعد صهاريج حلب العملاقة تظهر على الطرقات إلا نادراً. ولم تعد مكاتب الصرافة والتحويل إلى الخارج تعمل كما في السابق، حينما كان بعض الزبائن من رجال النفط يحملون عوائد آبارهم في "أكياس البطاطا" المحشوة بالأوراق النقدية، مع تقديرها بالوزن لصعوبة العدّ مع هذه المبالغ الهائلة. ولم يعد للبضائع الكمالية مستهلكون كثر كذلك، فـ"الطفرة النفطة العشوائية" أصبحت ماضياً يتحسّر عليه المستفيدون منه ويشمت بذهابه الناقمون على آثاره. ونتيجةً لهذه التغيرات تراجع السوق بشكلٍ عام، وتقلصت الكتلة المالية المتداولة، لهروب جزءٍ كبيرٍ من رأس المال إلى بيئاتٍ أخرى، أو كمونه بانتظار ما ستسفر عنه الأيام القادمة. وبرز هذا الكمون أكثر ما برز في سوق العقارات التي تراجعت أسعارها إلى حدٍّ كبيرٍ يقدّره البعض بنسبة الثلث تقريباً، بالمقارنة مع أسعارها قبل أشهرٍ قليلة.

طريقٌ مفتوحةٌ بين سوريا والعراق

يشهد معبر البوكمال الحدوديّ، بعد سنواتٍ من إغلاقه، نشاطاً لافتاً في حركة انتقال البضائع بين جانبي الحدود، أو داخل الأرض الواحدة بحسب ما يعتبر مسؤولو "الدولة الاسلامية" في نظرتهم الدينية لكلٍّ من مدينتي البوكمال والقائم وغيرهما من مدن سوريا والعراق. وأصبح مشهداً مألوفاً رؤية تجارٍ عراقيين في أسواق مدن دير الزور والعكس كذلك، بحسب ما يروي القادمون من العراق. ويجد كلاهما ما يشتريه؛ فالخضار الصيفية المنتجة في ريف دير الزور، والقادمة إليها من المحافظات السورية الأخرى، بضاعةٌ رابحةٌ للتجار العراقيين. وكذلك الألبسة المصنعة في تركيا أو في حلب ودمشق، تجد هي الأخرى طلباً متزايداً في أسواق العراق عبر مدينة الميادين. ويثير الانتباه ظهور نمطٍ جديدٍ وإضافـيٍّ من الزبائن هم مندوبو المنظمات الإغاثية العراقية، الذين يشترون كمياتٍ كبيرةً من الأدوية بمختلف أنواعها. ويشرح تجّار الدواء أثر هذا على السوق، فيقول صاحب مستودع دواءٍ رفض ذكر اسمه: "سوق الدوا انضرب بعد ما سيطرت الدولة عالدير، تراجع الطلب وخافوا التجار وبلشوا يسحبون مصاريهم. ومع جية العراقيين تحسن الوضع". ويفسّر أبو عبد الله، وهو تاجر أدوية، تراجع الطلب على الدواء في أسواق دير الزور بنزوح أعدادٍ مؤثرة من السكان إلى خارج المحافظة بعد سيطرة "الدولة الاسلامية"، يقدِّر عددهم برقمٍ - مبالغٍ فيه حسب متابعين - هو خمسين ألفاً، مما أبعد مستهلكين محتملين عن السوق. ويذكر أيضاً سبباً آخر هو انخفاض نسبة الجرحى في الأسابيع الأخيرة إثر توقف المعارك. وبحسب أبو عبد الله فإن منظمات الإغاثة العراقية أنقذت سوق الدواء من الركود، عندما تحسّنت المبيعات مؤخراً. ولم يؤدِّ الطلب المتزايد على الدواء إلى ارتفاع أسعاره حتى الآن. ومن جانبٍ آخر قدّمت الأسواق العراقية بدائل لبعض الأدوية المفقودة في المحافظة، وتوافر حليب الأطفال القادم من العراق بأسعارٍ معقولةٍ، بعد أن كان سلعةً نادرةً منذ شهر أيار الفائت في صيدليات دير الزور.

متوسط أسعار بعض السلع الرئيسية في أسواق الميادين خلال الأسبوعين الأخيرين:
ليتر بنزين (مفروز كهرباء): 75 ل.س
ليتر بنزين نظامي (سادكوب): 300 ل.س
ليتر المازوت (مفروز كهرباء): 70 ل.س
ربطة خبز (12 رغيف): 125 ل.س
1 كغ بندورة: 100 ل.س
1 كغ خيار: 120 ل.س
1 كغ باذنجان: 50 ل.س
1 كغ لحم ضأن: 1600 ل.س
1 كغ لحم بقر: 1300 ل.س
1 كغ سكر: 125 ل.س
1 كغ أرز: 200 ل.س