المجلس المدنيّ في مارع...همومٌ ونجاحات

المدخل الرئيسي لمدينة مارع

مارع مدينةٌ ريفيّةٌ تتبع لمحافظة حلب. تبعد عنها مسافة 30 كم، وتتوسّط ريفها الشمالي الممتدّ حتى الحدود التركية على بعد 25 كم، في عقدة مواصلاتٍ هامّة. تقع مارع في سهلٍ زراعيّ، وتعدّ الزراعة العمل الرئيسيّ لمعظم سكانها الذين يبلغ عددهم الأربعين ألف نسمة.

كانت مارع من المدن السباقة في رفع راية الثورة، حين اندلعت مظاهراتها الأولى منذ الشهر الرابع في عام 2011. وبعد اشتداد حملة القمع الأمنية والعسكرية لنظام الأسد، في محاولته سحق الثورة في المدينة، رفع ثوّار مارع السلاح دفاعاً عن أنفسهم، لتتشكل فيها النواة الأولى للواء التوحيد، الذي يعدّ أبرز فصائل الجيش الحرّ في محافظة حلب، بقيادة الشهيد عبد القادر الصالح، ابن مارع الذي يعتز أهلها بانتمائه إلى مدينتهم.
وبعد طرد قوات الأسد وتحرير المنطقة كان لا بدّ من إنشاء هيئاتٍ ومؤسساتٍ تتحمّل مسؤوليات العمل الخدميّ والصحيّ والتعليميّ وغيرها من احتياجات السكان. ولا بدّ هنا من ذكر دور الشهيد الصالح وتشجيعه على تأسيس مجلسٍ مدنيٍّ في مارع المحرّرة، يتألف من مكاتب عدّةٍ منها الخدميّ والصحيّ والتعليميّ والإغاثيّ.
واجـه المـجلس الكثيــر من الصعوبات والتحديات مع بداية تشكيله، لكن إصرار أعضائه البالغ عددهم 30 عضواً، والموزّعين على مكاتبه المختلفة، مكّن المجلس من الصمود في وجه التحديات والقيام بدوره ومهامّه.
فعلى سبيل المثال نجح المجلس في تجاوز الوضع الكارثيّ لمدارس المدينة، والتي تعرّضت لدمارٍ هائلٍ نتيجة القصف، مما جعلها غير مؤهلةٍ لاستقبال الطلاب. فعمل على إيجاد بدائل مؤقتة، باستئجار بيوتٍ وتجهيزها بما يلزم لتستأنف العملية التعليمية. ويضاف إلى هذا ما تقوم به المساجد من تعليم عددٍ كبيرٍ من الأطفال.
ونالت الخدمات اهتماماً خاصّاً من المجلس المحليّ، نظراً لأهميتها الكبيرة في حياة الناس اليومية. فرغيف الخبز وخدمات الكهرباء والماء والنظافة العامة أمورٌ لا يمكن الاستغناء عنها في مختلف الظروف. واستطاع المجلس تشغيل أفران المدينة وتأمين ما يلزمها من مادة الطحين بشرائه من الأسواق ثم بيع الخبز بسعر التكلفة فقط. ويشرف المجلس على مجموعات التوليد الكهربائية الخاصّة التي تغطي خدماتها معظم أجزاء المدينة بمقابلٍ شهريٍّ يدفعه المستفيدون، مع القيام بما يلزم من أعمال الصيانة المرافقة، بعد غياب الكهرباء عن الشبكة العامة في المدينة لأشهرٍ طويلة. وتعتبر خدمة مياه الشرب أفضل حالاً من الكهرباء، إذ قام المكتب الخدميّ بتأمين المولّدات اللازمة لاستخراج الماء من الآبار، مع تقديم المحروقات اللازمة لهذه العملية، ثم توزيع مياه الشرب على مختلف أحياء المدينة.
وكغيره من المجالس المحلية التي نشأت في المناطق السورية المحرّرة، يعاني المجلس المدنيّ في مارع الكثير من المشاكل والمصاعب. ولولا المبادرات الأهلية لعجز عن القيام بعمله.
ويشكو رئيس المجلس، حسن الخطيب، من قلة الموارد التي أدّت إلى العجز عن القيام ببعض الأعمال الحيوية والهامة، فكثيرٌ من الخدمات متوقفة لارتفاع كلفتها ولقلة الدعم. ولهذا السبب يحاول المجلس جاهداً تأمين الحاجيّات الضرورية التي تمسّ حياة الناس اليومية بشكلٍ مباشر، كرغيف الخبز والمياه والتعليم والنظافة. وأكد الخطيب أن المدينة تحمّلت في الآونة الأخيرة أعباءً كبيرةً لأنها استقبلت أعداداً هائلةً من النازحين الذين شكلوا ضغطاً إضافياً على الخدمات والمرافق. ولكن، بحسب تعبيره: "تمكنا من تجاوز هذه الأزمة بمساعدة الأهالي لنا من خلال تقديم الإعانات للنازحين ومنحهم الأغطية وما يلزم لمعيشتهم ووفق المستطاع، بعد أن هربوا من البراميل التي حوّلت منازلهم إلى ركام".