المجلس المحليّ المؤقّت في القوريّة

ياسر العكلة

تتربّع مدينة القوريّة على الضفة اليمنى لنهر الفرات، شرقي دير الزور. سمّيت قديماً بالدالية لكثرة دوالي العنب فيها، واشتهرت كذلك بنواعيرها الأثرية. يعمل معظم سكانها بالزراعة والتجارة، واتجه معظم شبابها في السنوات الأخيرة إلى العلم، ففيها عددٌ جيدٌ من الطلبة الجامعيين والخريجين. عدد سكان المدينة الفعلي 50 ألفاً، يضاف إليهم 5 آلاف لاجئٍ ووافد.

وتمّ تشكيل المجلس المحليّ فيها بتاريخ 28/12/2012 م. وبمناسبة مرور عامٍ على تشكيله التقت "عين المدينة" برئيسه الأستاذ ياسر العكلة، الذي تحدث عن أهم الإنجازات والنجاحات التي حققها المجلس خلال العام الماضي كتجربةٍ أوليّة. فأفادنا بأن المجلس عمل على إنشاء صالةٍ استهلاكيةٍ محليةٍ غير ربحية، تؤمّن احتياجات الأهالي بسعر التكلفة. كما عمل على صيانة وتشغيل مصافي المياه الثلاث الموجودة في المدينة، وتشغيل ستة موظفين فيها ودفع رواتبهم، وتنظيف قنوات الريّ وخنادق استجرار المياه المالحة من الأراضي الزراعيّة بطول 7 كم. وكذلك يقوم المجلس بخدمات النظافة في معظم شوارع المدينة، وتقديم محوّلاتٍ وبعض المعدّات الكهربائية لبعض الأحياء، وصيانة الصرف الصحي في ثلاث نقاطٍ بطول 150 متر. كما قام المجلس بالمشاركة في تنظيم العملية الامتحانية لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية على مستوى المحافظة، وقدّم المساعدات المالية للمدرّسين الذين قطعت رواتبهم، وكذلك للموظفين المفصولين من وظائفهم. إضافةً إلى دعم كتيبة الشرطة المحليّة، ومساعدة ذوي الشهداء والجرحى والمصابين، وتوزيع السلال الغذائية على النازحين، وغير ذلك من الأعمال الإنسانيّة والخدميّة.

وبحسب ما يقول رئيس المجلس، تأتي قلة الموارد ونقص الدعم في مقدمة المعوّقات والمصاعب التي تواجه أعمال المجلس، وكذلك ضعف القوة التنفيذية، مما حال دون التدخل لوقف بعض التجاوزات على الأملاك العامة، والتعدّي على موقع (عين علي) الأثري من قبل لصوص الآثار. إضافةً إلى عدم التزام بعض أعضاء المجلس، من الهيئة العامة والمكتب التنفيذي، بالدوام والمشاركة في العمل. أما فيما يخصّ شرعية المجلس فيقول العكلة إن المجلس استطاع كسب ودّ شريحةٍ كبيرةٍ من السكّان من خلال الخدمات التي قدّمها لهم.
ولاستطلاع رأي الأهالي سألنا الأستاذ صالح سلطان، الناشط السياسي ومنسّق التجمع الثقافي الديمقراطي، فقال: إن تجربة المجلس المحليّ في القورية تجربةٌ جديدةٌ في أوضاعٍ جديدةٍ كليّاً على السوريين، فمن مكبوتات 40 عاماً إلى حريةٍ كاملةٍ في مناطقنا، ولابد أن يترك العهد السابق بصماته على عقول الناس. ولكن في مجلس القورية كادرٌ من الشباب الجامعي الذي يحاول أن يعمل ويقدّم، نجح كثيراً، وأخفق قليلاً، وهذا شيءٌ طبيعيٌّ لكل من يريد أن يعمل. يكفي أن هؤلاء الشباب تصدّوا للعمل وخدموا أهلهم في المدينة، وخاضوا التجربة الأولى. أنا أعرفهم عن قرب، شبابٌ يريدون خدمة مدينتهم، لكن ضمن مشروطياتهم وخلفياتهم وقدراتهم، وضمن مشروطيات المناطق المحرّرة التي تركت دون عنايةٍ من أحد. تقول الناس إن مدينة القورية تستأهل من الائتلاف وقوى الثورة أكثر من الذي وصل إليها، وهو شيءٌ قليلٌ قياساً بمناطق ومجالس لم تكن محسوبةً على الثورة. وما أخذناه على المجلس يتمثل في جملة الملاحظات التالية:
أولاً – أنه مجلسٌ مترددٌ ليست لديه تجربة إدارة مؤسسات، وعقله عامةً ليس عقلاً مؤسساتياً.
ثانياً – هو مجلسٌ وفاقيٌّ لشرائح اجتماعية، وقد يواجه بهذه الآلية فرض شخصياتٍ عشائريةٍ لا ثورية.
ثالثاً – ثلاثة أرباع المجلس عاطلٌ عن العمل.
وأتمنى تدارك نقاط الضعف في المجلس القادم الذي أقترح له اسماً آخر وآلية تشكيل أخرى. فليكن مثلاً المجلس الثوريّ المؤقت، وأن يتشكّل من الناس الذين شاركوا في الثورة مشاركةً فعالة، ومن شخصياتٍ اجتماعيةٍ مستقلةٍ ومقبولة، بالإضافة الى من أثبتت التجربة نجاحه في المجلس القديم، فتكون تشكيلة المجلس القادم تشكيلةً ثوريةً وديمقراطيةً لا عشائرية.
أما محمـــد الجاســــم (34 عاماً) فيقول: إن العاملين في المجلس هم من الشباب المتطوعين ذوي السمعة الحسنة، الذين حاولوا قدر المستطاع تسيير شؤون المدينة بالإمكانيـــــات والمـــــوارد الضعـــيفة.

واردات المجلس خلال عام من تأسيسه 2779300 ليرة سورية مقدّمة من شباب القوريّة في الكويت. 3048000 ليرة سورية مقدّمة من شباب القوريّة في قطر. 100000 ليرة سورية مقدّمة من شباب القوريّة في السعودية. 25185 دولار + 500000 ليرة سورية + 14000 يورو من الائتلاف الوطني. 1569300 ليرة سورية رسوم وجباية لقاء بعض خدمات المجلس.