السوريون الممنوحون ملاذاً مؤقتاً في ألمانيا يخشون الفشل

ميريام بيرغر
6 شباط عن موقع News Deeply
ترجمة مأمون حلبي

لقد مضى عام، تقريباً، منذ أن تم إعادة توطين عائلة الحباب القادمة من دمشق في الريف الألماني، وبعد سنوات من محاولة تفادي الاعتقال بدأت حياة الأسرة تتحسن.

في كل صباح تنهض سارة، 12 عاماً، وسيدرا، 11 عاماً، من النوم في الساعة السادسة لتلحقا باص المدرسة. يذهب الوالد عبد الرحمن، وهو مختص سابق بالتصوير الشعاعي، إلى مدينة قريبة ليحضر دروس اللغة الألمانية، وتبقى الوالدة حنان في شقتهم المكونة من غرفتي نوم لتعتني بأخيهم حسن،3 سنوات، وأختهم جينا،6 شهور. كان كل ما يطلبه عبد الرحمن هو مكان آمن لعائلته، وقد وجد حالياً هذا الأمر في روثلاين، وهي قرية هادئة سكانها أقل من 5000 شخص.

في سوريا كان من عادة الأسرة تمضية المساء بزيارة الأصدقاء أو السوق. لكن هنا في بافاريا هناك القليل الذي يمكن فعله بعد حلول الظلام، لذا تمضي العائلة المساء بلعب الورق ودراسة اللغة الألمانية. مع ذلك، يُخيم على حياتهم الجديدة الشك بخصوص إن كانوا سيتمكنون من البقاء في ألمانيا- ومدة هذا البقاء. عندما وصلت عائلة الحباب إلى ألمانيا في شباط 2017 تم منحهم الحماية من الدرجة الأدنى بدلاً من وضعية اللجوء التامة. وفي حين أن وضعية اللجوء التامة هي لمدة 3 سنوات –مع إجراءات جعل الإقامة دائمة بعد ذلك– فإن الحماية من الدرجة الأدنى مُعَدة لتكون مؤقتة. 

ألمانيا، كما الأمم المتحدة، لا تعتبر أنه من الأمان بالنسبة للاجئين العودة إلى سوريا. لكن منذ آذار 2016بدأت تعطي معظم السوريين هذا الشكل من الحماية المؤقتة وتجدده سنوياً. على اللاجئين أن يُظهروا أنهم، كل فرد بذاته، معرضين لخطر الاضطهاد، في حين أن الحماية من الدرجة الأدنى مخصصة لأولئك المعرضين عموماً للأذى في بلدانهم. في عام 2015 تلقى الحماية الأدنى فقط 6 بالمئة من السوريين. هذه النسبة ارتفعت إلى 41% عام 2016 و 55% عام 2017، وفقاً للمكتب الفيدرالي الألماني لشؤون الهجرة واللاجئين. يريد عبد الرحمن، مثل معظم السوريين، العودة إلى وطنه عندما يكون آمناً. لكن بالنسبة له، الأمان يعني أن يغادر الأسد منصبه. 

لم نختر أن نكون لاجئين

طريق العائلة إلى ألمانيا استغرق سنوات. عندما اندلعت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في دمشق عام 2011 حاولت العائلة أن تحافظ على حياتها طبيعية. كان عبد الرحمن حينها يعمل في إحدى المشافي. بعد فترة، أصيب أحد أشقاء عبد الرحمن إصابة بالغة عندما فتح الأمن النار على المتظاهرين. وسرعان ما سيطر التشوش على أفراد الأسرة. كانوا يعيشون في رعب من الموت والاعتقال، ورعب من سوق عبد الرحمن للخدمة العسكرية. لذا فروا من البلاد عام 2015، بدايةً إلى لبنان وتركيا، وبعدها إلى اليونان عبر البحر. لكن لخيبتهم، وجدوا حدود أوروبا مغلقة، فأقاموا 4أشهر في مخيم اللاجئين البائس في إيدوميني على حدود اليونان مع مقدونيا، وهناك قابلتهم للمرة الأولى. حينها قال لي عبد الرحمن: «أصعب شيء هو افتقاد المرء لهدف».

بعد تفكيك المخيم في إيدوميني انتقلوا من الخيام إلى إقامات أولية في شقق في أثينا. يقول عبد الرحمن: «لم نختر أن نكون لاجئين. إنني أكره هذه الكلمة». بالنسبة لعبد الرحمن، كون المرء لاجئاً يعني كونه ضعيفاً أو عرضة للاستغلال، ودائما تحت أنظار الآخرين –وليس مجرد إنسان يحتاج لفرصة. 

في شباط 2017، حصل تطور مهم في حياة العائلة. شقيق عبد الرحمن الجريح كان قد وصل إلى ألمانيا وحصل على وضعية لاجئ، لذا كان بمقدوره أن يتقدم بطلب لم شمل العائلة. أمضت العائلة شهرين في مخيم في الريف الألماني قبل أن يتم إرسالها إلى روثلاين. بسبب افتقارهم لوضعية اللاجئ، لا يستطيع أفراد الأسرة حالياً جلب أقربائهم إلى ألمانيا، لكن وضعية الحماية الأدنى تمنحهم حق العمل والاستفادة مثل الذين يتمتعون بوضعية اللاجئ. يحب عبد الرحمن ألمانيا لقوانينها وديمقراطيتها ويحاول جاهداً تعلم الألمانية. لكنه رغم مثابرته قلقٌ من أن دروس اللغة لن تزوده بالمهارات والمؤهلات التي يريدها أرباب العمل.

يواجه عبد الرحمن عالماً من الأمور المجهولة: هل سيتم تجديد إقامة العائلة لسنة واحدة أم لثلاث سنوات؟ هل سيجد عملاً- أي عمل؟ ما الذي سيحدث عندما تكبر سارة وأختها سيدرا وتحتاجان إلى مكان أرحب؟ ما الذي ستفعله زوجته حنان عندما يصبح صغيراها أكبر سناً؟ هي لم تكمل دراستها الثانوية في سوريا. أتستطيع أن تذهب إلى المدرسة في ألمانيا؟ هل ستعود العائلة إلى سوريا يوماً من الأيام؟ هل سيكون لديهم خيارٌ بخصوص بقائهم أو ذهابهم؟ 

يحافظ عبد الرحمن على ثقته بألمانيا: البلد يرتكز على القوانين، لذا لا أحد يستطيع طرده. يقول عبد الرحمن أن عائلته، على الأقل، استردت كرامتها وإنسانيتها، وتلك بدايةٌ.