- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
الحج السوريّ.. ديني وسياسي ومنحة تميز
قبيل أيام قليلة من يوم عرفة المرتقب، قدمت السعودية (منحةً ملكية) لمئتي حاج سوري، للحج هذا العام على نفقتها بشكل كامل، وتعد "الأولى من نوعها بسبب التقييم الجيد لبعثة الحج" وفق رئيس لجنة الحج العليا السورية.
تأسست لجنة الحج العليا السورية عام 2013 بعد امتناع السلطات السعودية إبرام اتفاقية الحج مع نظام الأسد، وتسليم ملف الحج للائتلاف الوطني السوري الذي قام بدوره بتأسيس لجنة الحج العليا السورية لتقوم بالإشراف على الحج السوري كاملاً وإدارته بشكل مستقلّ، وتتوزع مكاتب اللجنة في كل من الداخل السوري، لبنان، تركيا، الأردن، مصر، السعودية، الإمارات، الكويت وقطر.
بلغ عدد الحجاج السوريين عام 2015 (15) ألف حاجّ، فيما رفعت المملكة، هذا العام، العدد المسموح به إلى (19) ألف حاج. يقول مدير الحج السوري سامر بيرقدار في حديث لـ (عين المدينة)، أثبتت لجنة الحج جدارتها على مدى الأعوام الخمسة الماضية، وهي تشهد تطوراً وتحسناً في الأداء عاماً بعد عام.
وتميزت اللجنة بخدماتها وتنظيمها، حيث تم تصنيفها من بين أفضل البعثات، وقد تفرّدت دون غيرها بإطلاق نظام GPS لتتبع حافلات نقل الحجاج ومراقبة تحركاتها، وذلك بسبب ما يحصل أيام المشاعر من خروج للحافلات عن مسارها أو تعطلها أو هروب بعض السائقين.
وحول آلية اختيار قوائم المنحة، قال مدير الحج سامر بيرقدار لعين المدينة: "إن اللجنة وضعت معايير دقيقة لاختيار الأسماء، لتشمل من ضحّوا في الثورة من الجرحى وذوي الشهداء وأصحاب الخوذ البيضاء والصحفيين والدعاة، وغيرهم من المؤسسات الثورية"، إلا أنه أشار إلى استحالة استيعاب الجميع، لذا كان لا بد من وضع هذه المعايير، وأضاف: "تم تسليم المعايير للائتلاف، الذي قام بدوره بمخاطبة المؤسسات الثورية وجمع الترشيحات"، مؤكداً بأن 114 شخصاً قبلوا في المنحة من الداخل السوري، فيما توزعت المقاعد المتبقية على السوريين في دول الشتات.
وبلغت رسوم الحج هذا العام 2650 دولاراً، وهو ما يعتبره البعض تكلفة مرتفعة، في حين يراه آخرون مبلغاً مقبولاً مقارنة بتكاليف الحج في تركيا (5 آلاف دولار)، ولبنان والأردن (3 آلاف) وغيرها، مع الإشارة إلى أن اللجنة لا تتقاضى سوى رسم قدره (45) دولاراً عن كل حاج تم قبوله، وفق مسؤول في اللجنة؛ أما عن طريقة اختيار الحجاج فتميزت، عن العام الماضي، بأنها اعتمدت نظام القرعة بنسبة 35% وهو ما أتاح الفرصة لشريحة الشباب، في حين تم اختيار 65 % وفق نظام الأكبر سناً.
تسييس الحج!
عمل النظام بشتى الوسائل على استعادة ملف الحج من يد المعارضة، إلا أنه باء بالفشل، حيث أصدرت لجنة الحج التابعة له بياناً وصفت فيه وزارة الحج السعودية بـ "الوهابية"، مدّعية قيام الأخيرة بتسييس الحج ومنع الحجاج السوريين من أداء هذه الفريضة، وهو ما يكذّبه الواقع ونفته رابطة العالم الإسلامي وغيرها، كذلك أصدر مفتي حلب محمود عكام، قبل أيام، بياناً استنكر فيه "تسيسس الحج ومنع الحجاج السوريين من أداء الفريضة". ولم تتوقف الادعاءات عند هذا الحد، بل تجاوزتها إلى قيام النظام بالإعلان عن فتح باب التسجيل للحج، ليخبر المتقدمين فيما بعد برفض "السعودية الوهابية" لطلباتهم، علاوة على ذلك فقد أصدر قراراً ألزم فيه الحجاج من مناطق سيطرته بمراجعة الأفرع الأمنية.
ورداً على هذه الادعاءات والحملات، قال د. نذير الحكيم رئيس لجنة الحج في حديث لعين المدينة: "مكاتبنا مفتوحة للحجاج السوريين في الداخل والخارج، وقد بلغ عدد القادمين منهم من مناطق سيطرة النظام لهذا العام قرابة (5) آلاف حاجّ"، وأضاف: "أبعدنا لجنة الحج عن التجاذبات السياسية تماماً، وقد أرادها النظام معركة سياسية، وأردناها رسالة دينية إنسانية للعالم أجمع!"
فيما لم يستطع أحد الحجاج من مدينة حلب إخفاء الجانب السياسي، عند حديثه لعين المدينة عن مشاعره المتداخلة. يقول: بعد أن حَالَ وطنُنَا السليب وغاصبوه دون اجتماعنا فيه، وبعد مضيّ أكثر من عشرة أعوام على فراق عائلتي، أخيراً التقيت هنا ببعضهم، فضلاً عن كثير من الأحبة والأصدقاء. هنا عند قبلة القلوب ومهوى الأفئدة، نقف أمام جدران الذاكرة، لنستعيد بعضاً مما علق فيها من ذكريات عن وطننا الحبيب ومدينتنا المغتصبة.