أمركيا تعدّ العدّة لضرب داعش... وروسيا ترفض.. والأسد بلا موقفٍ محدّد

تطوّرت المواقف الدولية بشكلٍ متسارعٍ خلال الفترة الأخيرة تجاه الوضع السوريّ. لم يكن هذا التطوّر وليد هجماتٍ جديدةٍ شنها نظام الأسد على المدنيين، ولا نتيجة استخدام أسلحةٍ محظورةٍ دولياً، أو ارتفاع عدد القتلى، أو ثبوت استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائيّ وتكرار هذا الاستخدام مؤخراً في جوبر شرق دمشق، إنما هو تدخلٌ لوقف امتداد تنظيم الدولة الإسلامية في كلٍّ من العراق وسوريا. ولم تنسَ الإدارة الأمريكية، التي ستتزعم هذا التدخل أو ربما تقوم به منفردةً، أن تكسوه بغطاء تدخلٍ عامٍّ ضد كلٍّ من تنظيم الدولة الإسلامية ونظام الأسد. إلا أن ما تسرّب من خطط البنتاغون وخرائط الضربة التي من المتوقع تنفيذها لتشمل مواقع التنظيم في سوريا، يبين أن التدخل مؤطرٌ ضد مواقع التنظيم دون أهدافٍ من مواقع النظام. إلا أن مشروع الضربة ترافق مع تحريك قضية تسليح الجيش الحرّ أو كتائب معارضةٍ معينةٍ من قبل القيادة الأمريكية، بميلٍ واضحٍ من قبل الديموقراطيين في أمريكا نحو التسليح والدعم. ويبدو أن قضية التسليح والدعم تلك تتماشى مع قضية الضربة حالياً، لتظهر الإدارة الأمريكية بأنها تفتح جبهتين لمواجهة "دولتين"؛ الإسلامية في الشرق ونظام الأسد في دمشق، وهو ما قد لا يدعمه الواقع القريب.
وجاءت شروط نظام الأسد في قضية تدخل أمريكا ضد "الدولة الإسلامية" لتعزّز من موقف أوباما ضد نظام الأسد، أو ما يسوّق إعلامياً حول هذا الموقف. فما أوجبته من التنسيق مع النظام مسبقاً إذا فكرت أمريكا بالضربة لاقى تصريحاتٍ هجوميةً عند القيادة الأمريكية، عندما قالت مستشارة الأسد، بثينة شعبان، في تصريحٍ لقناة cnn، بأن دمشق قد تسقط الطائرات الأميركية لأنها أتت من دون إذنٍ واعتدت على سيادة سوريا، وردّ أوباما بالقول: "إذا فكر الأسد وأمر قواته بإطلاق النار على الطائرات الأميركية التي تدخل المجال الجويّ السوريّ فسندمر الدفاعات الجوية السورية عن آخرها. وسيكون هذا أسهل لقوّاتنا من ضرب مواقع داعش".

بريطانيا لن تشارك، وتركيا تتحفظ، وروسيا ترفض

أمام خطاب أوباما، وتأكيد أن أمريكا سوف توجه ضربةً عسكريةً لمواقع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، أعلنت الحكومة البريطانية أنها لن تشارك، تبعاً للتصويت السابق في مجلس العموم البريطانيّ، الذي رفض أيّ تدخلٍ عسكريٍّ لبريطانيا في الشأن السوريّ، وذلك عقب تهديداتٍ أمريكيةٍ بالتدخل العسكريّ بعد استهداف نظــــــام الأســـــــد للمدنيــــين في ريف دمشق بالسلاح الكيماويّ المحظور دولياً. وجاء إعلان بريطانيا رفضها التدخل على لسان وزير خارجيتها فيليب هاموند، الذي أعلن من العاصمة الألمانية برلين أن "بريطانيا لن تشارك في ضرباتٍ جويةٍ في سوريا".
وتحفظت القيادة التركية تجاه الحشد الدوليّ الذي تسعى نحوه أمريكا لتوجيه الضربة، مبررةً ذلك بأنه لا فائدة من ضرب تنظيم الدولة الإسلامية مع الحفاظ على نظام الأسد في دمشق. وقال رئيس الوزراء التركيّ، أحمد داود أوغلو، متناولاً خطة أوباما بالتدخل: "حذّرنا الجميع سابقاً، بمن فيهم واشنطن والأسد، من أنه من دون إنهاء الأزمة في سوريا وعودة الاستقرار السياسيّ، فإن المنطقة ستتحوّل إلى بركان غضب".
ومن جانبها عارضت روسيا الضربة، معتبرةً أن أية ضرباتٍ أميركيةٍ ضدّ تنظيم "داعش" في سوريا من دون موافقة الأمم المتحدة ستشكل "انتهاكاً فاضحاً" للقانون الدوليّ. وجاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، الذي صرّح "أن مثل هذه المبادرة، في غياب قرارٍ من مجلس الأمن الدوليّ، ستشكل عملاً عدائياً وانتهاكاً فاضحاً للقانون الدوليّ".