”لملمة أطراف الحكاية“.. بحث في تفاصيل الاختفاء القسري في سجون النظام ومصير الضحايا

عين المدينة - تغطية 

أصدرت رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا اليوم تقريراً يوثق حالات الاعتقال والاختفاء القسري في سوريا، استناداً إلى (٥٠٨) مقابلات أجرتها الرابطة مع أشخاص من ذوي المختفين قسراً في سجون النظام، كانت قد بدأتها في خريف العام ٢٠١٨. التقرير يتحدث بشكل مفصل ومطول عن كيفية توقيف المعتقلين، والأماكن و المدن التي حدثت فيها عمليات الاعتقال وتواريخها. والجهات المسؤولة عنها، والدلالات أو التفسيرات التي يمكن أن تكشف ممارسات النظام وأجهزة أمنه لتلك العمليات.

يقول دياب سريّة، أحد مؤسسي ”رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا“ لـ“عين المدينة“، إن أهمية هذا التقرير تكمن في ”المنهجية التي عملنا عليها، هذا هو التقرير الأول من نوعه الذي يميز بين حالات الاعتقال وحالات الاختفاء القسري، ويعرضها كلاً على حِدة. التقرير يبحث بعمق في عمليات الابتزاز المادي لأهالي المفقودين من قبل دائرة النظام الضيقة، أو من قبل موظفين أو أشخاص متنفذين يعملون بتغطية من النظام“.
   
يكشف التقرير عن مبالغ مالية هائلة دفعت من قبل أهالي الناجين والمختفين قسراً، مقابل حصولهم على معلومات أو تلقيهم وعوداً بزيارة ذويهم أو إخلاء سبيلهم. ووثق تلقي ضباط في أجهزة الأمن ما مجموعه (٢,٧١٤,٢٥٠) دولاراً أمريكياً، دفعها بعض من ذوي المعتقلين ضمن العينة التي درسها التقرير، من خلال وسطاء متنوعين. لكن اللافت للنظر، كان أن شخصاً واحداً فقط مقابل ٤١ آخرين، من بين الذين دفعوا مبالغ مالية من أجل وعود بزيارة المختفي قسراً، تمكن من مقابلته. ما يؤكد الطابع الاحتيالي، فضلاَ عن الابتزاز لعمليات الدفع تلك، التي تشكل مصدر إثراء لعدد كبير من ضباط الأمن والوسطاء.

يعتبر سجن صيدنايا -بحسب التقرير- في رأس قائمة مراكز الاحتجاز التابعة للنظام، المسؤولة عن حالات الإخفاء القسري، فهو يضم أكثر من ٨٠ بالمائة من الحالات. والعاصمة دمشق هي المكان الذي تركزت فيه النسبة الأكبر من حالات الاختفاء القسري. ويأتي جيش النظام في مقدمة الجهات المسؤولة عن حالات الاختفاء في سوريا، ثم الأمن العسكري فالمخابرات الجوية والأمن السياسي.

وبحسب التقرير، كانت نسبة الناجين بين المعتقلين من مواليد إدلب هي الأدنى، وخاصة في العام ٢٠١٢، الذي يشكل ذروة حالات الاختفاء القسري في المحافظة. وأظهرت النتائج أن نسبة الناجين كانت أكبر بين ضحايا الاعتقال والإخفاء القسري في محافظتي حمص وحماة. بينما تتقارب النسب في باقي المحافظات.

يقول التقرير إن آلاف العائلات السورية ما تزال تنتظر أخباراً عن المعتقلين، حيث ”حصل (٣) بالمائة فقط من الأهالي على شهادة وفاة لأبنائهم، وحوالي ١ بالمائة على إخراج قيد أو قيد عائلي من الشؤون المدنية يثبت وفاة المختفي“. وتوصي رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا الأمم المتحدة والدول الراعية لأية مفاوضات قادمة بين النظام والمعارضة، بوضع قضية المختفين والمعتقلين في أولوياتها، وإلزام النظام بالكشف عن مصيرهم والسماح للأهالي بزيارة الأحياء منهم، وإعلامهم بالمتوفين.

يُقدِّر سريّة، عدد المعتقلين الذين سجنوا في صيدنايا بـ٣٥ ألف شخص، نجا منهم تقريباً ١٥٠٠ فقط. ويؤكد على أن هذه التقديرات ما تزال بحاجة إلى مزيد من التأكد والتوثيق. 

تحاول ”رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا“ التي تأسست في العام ٢٠١٧، مساعدة ذوي المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا وفي باقي مراكز الاحتجاز التابعة للنظام، على جمع أكبر قدر من المعلومات عن أبنائهم، وتجنيبهم عمليات الابتزاز المالي أو تعرضهم للتلاعب. وقد استطاعت الرابطة بحسب سريّة الكشف عن مصير ١٤ حالة حتى اليوم، من خلال الحصول على معلومات من الناجين من السجون وتوثيقها.

ويأمل العاملون في الرابطة أن تساعد هذه المعلومات مستقبلاً، اللجان أو الهيئات أو الأهالي على معرفة مصير المعتقلين والمفقودين، أو التعرف على هوية الجثث. وأن تكون مرجعاً لأي جهد قد تبذله المنظمات أو الهيئات الأممية في سبيل الكشف عن حجم كارثة عمليات الاعتقال والإخفاء القسري، التي استخدمها النظام كسلاح فتاك ضد معارضيه.