مخيم تل أبيض – عين المدينة
بيت سليمان شاه للضيافة أول ما تقع عليه عيناك لدى دخول المخيم تلك العبارة المدونة على البوابة و على البوابة فقط .. فساكنيه لا يعتقدون أن بيوتاً غير اللتي تركوها و هجروا منها ستكون مكان للضيف والضيافة ..
على بعد 10 كيلومترات من الحدود السورية-التركية و قرب مدينة (اكجكلا) يقع مخيم سليمان شاه والذي يقيم فيه حالياً أكثر من 30 ألف لاجئ سوري غالبيتهم من محافظة إدلب و دير الزور و حلب مؤخراً ولا يزال اللاجئون يتوافدون بشكل متزايد .. عدد كبير من اللاجئين هم من الأطفال دون الخامسة عشر وهم الأحق بالإهتمام صحياً و تعليمياً و تربوياً فهم الأمل المنشود وتعلق عليهم الآمال ... معظم الأطفال الذين التقينا بهم في المخيم يرتادون المدرسة بمراحلها الثلاثة ..الابتدائية و الإعدادية و الثانوية .. ويتم تقسيم فترات الدوام إلى ثلاث فترات في محاولة لاستيعاب العدد الكبير الذي تجاوز حسب تقدير المسؤول عن المدرسة ستة ألاف طالب و طالبة تطوع أكثر من 250 من المعلمين السوريين في المخيم للقيام بالمهمة و متابعة تعليم الأطفال بجميع المراحل .. تم مؤخراً طباعة كتب المناهج المدرسية بعد التعديل المطلوب و تنقيحها من كل ما يمت لمرحلة للأسد الأب و الإبن .. ... تعتبر آلة طباعة كبيرة إحدى المتطلبات الضرورية أو في رأس قائمة المطالب حسب ماقاله الأستاذ نجاح علاوي [50 عاما ديرالزور] أحد أعضاء الكادر الإداري فآلة طباعة ستمكن إدارة المدرسة من طباعة الكتب و المناهج الدراسية المطلوبة بسهولة و دون تعقيدات ... يتلقى الأطفال معظم الحصص المطلوبة للمواد الرئيسية مبدئياً مع السعي لإكمال البقية وفق المتاح و حسب الظروف ..
يفاخر الطفل محمد ناصر أنه يذهب إلى مدرسة المخيم وبأنه انتخب مسؤولاً عن الصف بطريقة ديمقراطية و نزيهة .. في إشارة طفولية ساخرة
نبض..
بعد المدرسة أو قبلها حسب مواعيد الدوام لكل طفل لا يمكن عبور شوارع المخيم دون أن تعيش نبضها و صخبها .. معظم أوقات النهار تكون الشوارع الملعب والملاذ الوحيد للأطفال كل حسب لعبته المفضلة ..
لاينتظر الأطفال في المخيم أية أدوات أو ألعاب لممارسة ألعابهم المفضلة غالباً ما تكون أدواتهم و ألعابهم مبتكرة حسب الحال و تماشياً مع الظروف و الواقع ..قصي علاوي و أخوه عدي طالبي إعداية, بين خيمتين صمموا شبكة صغيرة و جهزوا ملعب للكرة الطائرة و غالباً ما يتجمعوا مع أصدقائهم للعب الكرة الطائرة في ملعبهم الصغير وأشار أحد الأطفال(طارق ويس الحسين) أنهم ربما ينظموا مسابقة بين أحياء المخيم ويقول إنها الرياضة الوحيدة المناسبة و الممكنة في ظل غياب ملاعب خاصة في المخيم .. حتى الألعاب تم نقلها من مكانها فقد استغنت عنها إدارة المخيم .هكذا ختم حديثه ليعود لرفاقه و ملعبه الصغير.يفضل الأطفال دون الثامنة ألعاباً معينة لا تتطلب منهم أي معدات أو تجهيزات غالبيتها شعبية و تراثية ...
الشيش
مجموعة جوارب قديمة و القليل من الأحجار المسطحة كل ما تحتاجه لعبة الشيش ليمارسها أطفال المخيم و تحتاج نشاط و حركة كبيرين ..
تل أبيض ..أبيض
أحد الصباحات الشتوية الباردة أفاق أطفال المخيم على يوم مثلج و بارد .. لم يضيعوا الفرصة ولا الوقت فقبل ذوبان الثلوج كان حس الإبداع حاضراً في شوارع المخيم .. رجل الثلج حلم كل طفل كان يقف متوشحاً علم الثورة من إبداع أطفال المخيم ..
تقريباً في كل حي من أحياء المخيم كان قد وقف أكثر من رجل ثلج مبتسماً ابتسامة أمل .. تشبه ابتسامة صانعيه الذين وقفوا أمامه والفرح بعيونهم و الأمل ..
لم يوفر أطفال المخيم حتى يوماً مثلجاً بادر للعب و المرح ... و ملء جنبات المخيم بنبض الحياة
على الجانب الآخر
على الجانب الآخر من شوارع المخيم أيظاً أطفال ..
ولكن لا يملئ هذا الجانب صخب الأول ولا بسمته البسيطة .. أطفال هذا الطرف غالبيتهم يعملون كباعة جوالين أو على بسطات صغيرة تتنوع محتوياتها ..
الوضع المادي الضعيف للأهل قبل الثورة و الذي تفاقم مع اللجوء اضطر أطفالهم للعمل و الوقوف ساعات عديدة أما بضاعتهم البسيطة .. مجموعة مواد تموينية و بهارات و مستلزمات طبخ ما يعرضه معاذ من إدلب ذو العشرة أعوام و يقول أنه يتناوب و أخويه يومياً في العمل .. يعتمد معظم الأطفال الذين يعملون للكسب على التجوال و هو أمر مرهق بالنسبة لهم و لا يجدون مهرباً منها فهي المصدر الوحيد للإعالة في ظل الظرف الراهن .. آمال وآلام يعيشها الأطفال في مخيم تل أبيض على أمل انفراجة قريبة تمكنهم من العودة لبيوتهم و مدارسهم .