تتعالى بين الحين والآخر دعواتٌ تحاول إنهاء الثورة...
ولعل أقذر ما ورد في هذا المجال هو الكلام الذي تفوه به وزير الخارجية الروسي عندما قال إنه لا يريد حكماً سنياً في سوريا. ولن أعلق على هذا الكلام الذي تجاوز كل الأعراف الدبلوماسية والأخلاقية.
إلا أن الطرح الخبيث والخطير، الذي يصدر من جهاتٍ معينة، وعلى استحياء، هو أن الوضع في سوريا يحتاج إلى طائف سوري، قياساً على الطائف اللبناني. وسأناقش هذا الطرح من جهتين: المبرر والمآل.
إن الوضع السوري لا يشبه الوضع اللبناني بتاتاً، فالمجتمع اللبناني مؤلف من ثلاث كتل رئيسية متكافئة تقريباً: مسلمون سنة، ومسلمون شيعة، وموارنة.
ولكل كتلة مطامحها ورغباتها التي قد تتنافر في بعض الأحيان مع رغبات وتطلعات الكتل الأخرى، مما ولّد حراكاً مسلحاً أدى إلى حرب أهلية كان الكل فيها يقاتل الكل، فاضطر العرب والقوى الدولية إلى عقد مؤتمرٍ في الطائف في العربية السعودية لدراسة المشكلة اللبنانية ومحاولة وضع حلٍ جذريٍ لها. وكان لهم ما أرادوه... إذ تمت قسمة الحكم في لبنان على جميع الكتل، دون أن يملك أحد سلطة على الآخر. فكان المآل دولة فاشلة وفق أضحوكة ما يسمى الديمقراطية التوافقية.
إن الوضع في سوريا يختلف تماماً عن الوضع في لبنان، فلا توجد تلك الكتل المتساوية والمتنافسة على الحكم، بل تتمثل الأغلبية الساحقة، وبنسبة تتجاوز الـ70 % من المجتمع، من مكون سني. إضافة إلى أنه لا توجد تلك الحساسية الطائفية، فلا أحد منا ينسى العديد من رجالات سوريا الذين تصدروا أعلى المناصب، ولعبوا أدواراً هامة في الحياة السياسية أو العسكرية السورية، مثل فارس الخوري وسلطان باشا الأطرش وصالح العلي، وكثيرين غيرهم، دون أن يقول أحد إن هذا مسيحي أو علوي أو درزي. لم يأت هذا التصنيف إلا بعد ما يعرف بالحركة التصحيحية، ولأسباب مشبوهة. ولو كان المجتمع طائفياً لما تمكن الطائفيون من القفز إلى مقدرات البلاد.
إن مقولة الطائف السوري لم يتبناها أحدٌ من الداخل السوري، بل من أطراف لبنانية طائفية حاقدة تريد أن تخلق دولة فاشلة تضمن لهم بعض المكاسب التافهة، فعلينا أن نكافح هذا الاتجاه، كما علينا أن نمنع النظام من جرّ المجتمع والثورة إلى مستنقع الطائفية.
فهل تنهج القوى السياسية السورية هذا النهج؟