نقص الأسرَّة والأوكسجين.. معاناة تضاف لمرضى كورونا في الشمال السوري

كان على محمد عمر الانتظار مضطراً حتى تسوء حالة والده، ليجد سريراً شاغراً في مستشفى خاص بالمصابين بفيروس كورونا. قبل ذلك بأيام، كان قد قرر الوالد حجر نفسه في البيت لأن الأعراض لم تكن تستدعي اللجوء إلى المستشفى، كانت خفيفة مثل أعراض الرشح، وهو بقراره ذلك يفعل ما يفعله الكثيرون في الشمال السوري، بسبب ضعف إمكانيات المنطقة في مواجهة فيروس كورونا.

محمد عمر، النازح إلى إدلب من ريفها الجنوبي، وقف عاجزاً أمام حالة والده الصحية، بسبب عدم وجود شاغر في أي مستشفى متخصص للمصابين بفيروس كورونا، بسبب امتلاء جميع الأسرّة في المستشفيات، حتى تم تأمين سرير له بعد مضي عدة ساعات، وتم إدخاله إلى المشفى لتلقي العلاج إن ساءت حالته الصحية بشكل كبير.
 
أدى انتشار فيروس كورونا في الشمال السوري إلى إصابة الآلاف من المدنيين، وانتشار الإصابات على بقعة جغرافية كبيرة من ريف حلب الشمالي حتى إدلب؛ الأمر الذي شكل ضغطاً هائلاً على المستشفيات، وأفقدها القدرة على استيعاب مزيد من المرضى والمصابين. الأمر الذي انعكس على حالة والد محمد عمر النازح إلى إدلب من ريفها الجنوبي، إذ كان عليه الانتظار لعدة ساعات قبل أن يخلو أحد الأسرة في المستشفى الذي قصده، ما زاد من سوء حالته كثيراً.
 
يقول الطبيب عبد الرحمن الحلاق، مدير مستشفى ”الكوفيد-19” التابع لمؤسسة شام الإنسانية في منطقة تل الكرامة لمجلة ”عين المدينة“، إن عدد المراجعين خلال الشهر الماضي تشرين الثاني وصل إلى ١٥٥ مريضاً، قسم منهم في العناية المشددة، وأن ٣٦ حالة توفيت خلال الشهر، منها ٢٥ حالة إيجابية، و١١ حالة لم يتم التأكد منها (توفوا قبل أخذ المسحة أو بعد وفاتهم كانت المسحة سلبية).

 أنشأت منظمة الصحة العالمية عدداً من المستشفيات في الشمال السوري من ضمنها مستشفى شام الخاص بمرضى ”كوفيد-19“، إضافة إلى مراكز عزل على امتداد جغرافي واسع، مثل مركزي شام في معرتمصرين وحارم؛ ومنظومات إسعاف لنقل الحالات الباردة والشديدة التي تحتاج إلى سيارات مجهزة، حسب الحلاق.

تعاني المستشفيات من صعوبات عديدة، مثل نقص عدد الأسرّة خصوصاً مع الانفجار في عدد الإصابات بالفيروس، لذلك يستقبل مركز العزل في حارم المراجعين داخل خيم تحتوي على عدد من الأسرّة للعناية بالمصابين، إضافة إلى تقديم الفحوصات اليومية والأدوية للمرضى مثل السيتامول والفيتامينات والأسبرين.

 عملت المنظمات الإنسانية على زيادة عدد الأسرَّة وأجهزة التنفس، لكن دون تأمين حاجة المنطقة، لأن "المصابين بفيروس كورونا يستهلكون الأوكسجين أكثر بعشرات الأضعاف من الطبيعي، إضافة إلى صعوبة في تأمين الأدوية للمرضى" كما يقول الطبيب عبد الرحمن الحلاق.

يقدر عدد مراكز الكورونا الخاصة باستقبال الحالات المتوسطة والخفيفة الجاهزة بـ ٢٦مركزاً، في حين يبلغ عدد الأسرة الإجمالي ١٢٢٥ وعدد المنافس الجديدة ما يقارب ٧٠ منفسة، حسب أرقام مديرية الصحة التابعة للحكومة المؤقتة في إدلب. ويتابع منسق الصحة العامة في مديرية الصحة الطبيب عبد الحكيم رمضان في حديثه لـ“عين المدينة“: "الآن هناك ٩ مستشفيات جاهزة لاستقبال الحالات الشديدة مجموع إمكانياتها على مستوى المنافس للبالغين هو ٧٠ منفسة، ويتم العمل على تجهيز مستشفيات أخرى في وقت قريب".

 كما تقدم المنظمات الطبية دورات لتأهيل الكوادر الطبية من أجل مواجهة الفيروس واستيعاب الحالات الكثيرة التي يتم نقلها إلى المستشفيات، فقد "تلقى حوالي 600 عامل صحي ما بين طبيب وممرض وكوادر منشآت طبية، تدريبات خاصة" حسب رمضان.

 أنس عمر عامل ضبط العدوى في مركز معرتمصرين للعزل (مسؤول عن تعقيم الأطباء والمصابين أثناء عملية الدخول والخروج) يرى أن جانباً كبيراً من المشكلة يتحمله المدنيون. "هناك استهتار كبير في التزام سبل الوقاية". ويشرح من واقع عمله أنه بعد إجراء مسحات لعدد كبير من المدنيين في المركز رفضوا البقاء في الحجر إلى حين خروج نتيجة المسحة، وقد تبين أن نتيجة بعضهم إيجابية، ما سبب في إصابة كامل عائلته.

 لكن العمر يستدرك بأن الضغط الحالي على المستشفيات ومراكز العزل هائل، وأن عدم التزام المدنيين بالوقاية سيؤدي إلى انهيار القطاع الصحي الضعيف أساساً، عندها "لن تقف المشكلة عند نقص الأسرَّة وتأمين الأوكسجين" كما هو الحال اليوم.

يشار إلى أن مديرية صحة إدلب قد قامت بافتتاح محطتي توليد أوكسجين في منطقتين مختلفتين في محافظة إدلب، بهدف تغطية النقص الشديد في مادة الأوكسجين، وتم الإعلان عن افتتاح المحطَّتين في مستشفى دركوش غربي إدلب، ومستشفى شام في مدينة الدانا شمالي إدلب.