تقع حقول النفط والغاز الكبرى في محافظة ديرالزور,مثل حقول العمر والتنك والتيم والورد وغيرها, لذلك تعتبرهذه المحافظة المنتج الرئيسي للنفط والغاز في سوريا وتغيب الأرقام الدقيقة التي تعبر عن حجم الانتاج الفعلي لهذه الحقول بشكل متعمد من قبل السلطات السورية وذلك لتحكم مافيا العائلات [الاسد ومخلوف وأتباعهم] في انتاج وصناعة النفط وتصديره ولكن الارقام التقديرية تشير إلى أن انتاج هذه الحقول ممكن أن يصل إلى أكثر من 300 ألف برميل يومياً وقد توقف هذا الانتاج بشكل شبة كامل نتيجة لسيطرة الجيش الحر على معظم الحقول الكبرى في المحافظة وقطع امدادات النفط على النظام ليحرمه من العائد المادي المستخدم في قمع الشعب السوري
أتاح هذا المناخ المضطرب لكثير من المواطنين القاطنين في المناطق المجاورة لآبار النفط والمناطق التي تمر بها الانابيب فرصة لاستجراره من الآبار مباشرة وخاصة لآبار التدفق الطبيعي أو من الأنابيب وذلك بثقبها وتثبيت وصلات خاصة عليها, أو بتنفيذ حفر كبيرة نسبياً تشكل بركاً تتيح لهم استجراره بطريقة بدائية جداً ثم بيعه لاحقاً, يقول علي وهو احد العاملين بهذا المجال :إن الفقر والبطالة دفعته إلى العمل في استجرار النفط وبيعه ولولا ذلك لمات أطفاله السبعة من الجوع ويضيف بأنه لايبالي أبداً بكل الآثار الصحية السيئة التي تخلفها هذه الطريقة بالعمل وبانه لن يترك بركة النفط التي حفرها بجوار الأنبوب حتى تتوفر له فرصة عمل مناسبة
كل ذلك يتم بشكل بدائي وفردي ودون أدنى درجة من التنظيم ليدخل النفط بعد ذلك في مراحل أخرى من عمليات النقل بشاحنات متوسطة وصغيرة تحمل براميل أو خزانات ودون أدنى التزام بمعاييرالأمان والسلامة حيث يتسرب النفط اثناء حركة السيارة من البراميل والخزانات مخلفا طبقة لزجة على سطح الطريق سببت الكثير من الحوادث المرورية , لتبدأ بعد ذلك عمليات التصفية حيث تشعل النيران تحت البراميل لغلي النفط وفرزه الى مكونات اخرى وبشكل بدائي وعشوائي جداً بغية الحصول على ما يشبه مادتي المازوت والبنزين, مخلفة سحابة دائمة تغطي المناطق التي تنتشر فيها هذه الظواهر ومسببة حالات من ضيف التنفس والانزعاج وظهرت حالات عديدة من الأمراض الجلدية مجهولة السبب إضافة لشكايات صحية تتعلق بأمراض الرئة والتنفس ,يقول فرحان الذي أنشأ مصفاة نفط مؤلفة من خزان يتسع لألف ليتر وحراق :أن عمله هذا يوفر الوقود اللازم لعمل المضخات الزراعية وبعض السيارات الكبيرة والجرارات وأنه تمكن بمصفاته هذه من سد الحاجة الكبيرة والملحة للمازوت في قريته وأن البنزين الذي ينتجه قريب جداً من البنزين الحقيقي ولايرى تأثيراً حسب قناعته للدخان الناتج عن عملية الحرق على الصحة العامة وبانه احتاط لذلك حيث أبعد موقع الورشة عن التجمع السكني في القرية القريبة منه , دفعت الآثار السلبية الناتجة عن هذه الظاهرة بالكثير من الفعاليات الاجتماعية والثقافية في قرى ومناطق كثيرة ألى التصدي لها، وينشط محمد وهو موظف سابق في قطاع النفط من قرية الدحلة في خط الجزيرة في التصدي لأشكال الاستثمار العشوائية للنفط من خلال ايقاف السيارات الناقلة ومناقشة السائقين وتحذيرهم من خطورة عملهم هذا ,أو زيارة مواقع الاستجرار والدخول وفي مرات كثيرة بمشاحنات مع العاملين هناك وبعد ان يرتدي بذلة واقية خاصة تثير الانتباه للدلالة على المخاطر الكامنة في هذه الطريقة للاستجرار ,كذلك يقوم محمد بالقاء محاضرات وإدارة ندوات حوارية حول هذا الموضوع محاولاً خلق رأي عام مضاد لهذه الظاهرة ,ويحاول الأهالي وفي مناطق عدة الحد من المشكلة ,وذلك بإقامة حواجز تمنع السيارات المحملة بالنفط من المرور فيها وشكلت في مناطق أخرى سرايا أمنية تمنع عمليات التصفية, إلا أن هذه الجهود لم تمنع هذه الظاهرة من الانتشار ولا استطاعت التخفيف من آثارها الصحية والبيئية والاقتصادية ويعلق حميد وهو مريض ربو يسكن قريباً من أحد المصافي في قرى الجزيرة أنه يأس من محاولة ثني صاحب ورشة التصفية عن العمل أواقناعه بنقل براميله الى مكان آخر وبأنه يعجز عن النوم احياناً بسبب الرائحة الكريهة للدخان والابخرة المرافقة لعملية الحرقِ.
لاقت هذه الصناعة الشعبية الوليدة انتشاراً كبيراً في ريف ديرالزور وأمنت فرص عمل للمئات من العاطلين وبدخل كبير ولبت شيء من الحاجة إلى الوقود حيث يمكن للمازوت البدائي أن يشغل بعض السيارت القديمة وبعض المحركات الزراعية والجرارات.
ويتوجب على جميع الهيئات والفعاليات الاجتماعية المحلية في ريف ديرالزور وبالتنسيق مع كتائب الجيش الحر التفكير بحلول عملية وفعالة , تحافظ على الأنابيب والمنشآت النفطية من أي تخريب ,وتنظم عملية استخراجه بطرق علمية وفنية مناسبة ومن ثم استثماره من خلال تصفيته بمصاف صغيرة إن أمكن استيرادها أو بمقايضته بالمشتقات النفطية من الأسواق التركية ,وبما يحقق عائدا ماليا تحتاجه المحافظة باعمالها الاغاثية والانسانية والتنموية ,مما يشكل بداية لتاسيس اقتصاد محلي للمناطق المحررة.