نفاد الكلور السائل من محطّات تصفية المياه في دير الزور

محطة مياه الشميطية في ريف دير الزور

يحاول تنظيم "الدولة الإسلامية" فرض حضوره في كلّ شأنٍ من شؤون السكان في المناطق الخاضعة لسيطرته، مما يؤدّي إلى مشاكل كبرى سيعجز التنظيم عن تقديم حلولٍ لها.
لجأ العاملون في محطّات تصفية المياه في محافظة دير الزور إلى استخدام مادة هيبوكلوريت الصوديوم بطورها الجاف، أو ما يعرف بالكلور البودرة، كبديلٍ عن الكلور السائل المستخدم في تعقيم المياه. وذلك بعد توقف منظمة الهلال الأحمر العربيّ السوريّ عن تزويد محطّات دير الزور بهذه المادة، كما نشرت "عين المدينة" في عددٍ سابقٍ، وبالتزامن مع تطبيق قرارات داعش القاضية بمنع منظمات الخدمة الإنسانية عن العمل في دير الزور، بما فيها المنظمات العاملة في حقل مياه الشرب.
وجاء لجوء عمال المياه إلى استخدام الكلور الجافّ بعد نفاد كميات الكلور السائل المخزّنة. ويؤكد فنيون من كوادر المحطات أن المتوافر –من كمياتٍ مخزّنةٍ سابقاً- بين أيديهم من المادة الجافة لن يكفي إلا لأسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، مما يهدّد بتوقف محطات تصفية المياه عن العمل. ويرفض مسؤولو داعش في ديوان الخدمات توضيح نواياهم أو إجراءاتهم المحتملة لحلّ هذه المشكلة، فيما لا تزال بعض المنظمات الإنسانية تبدي رغبتها في المساعدة بتأمين الكميات المطلوبة لتعقيم المياه من مادة الكلور بطوريها السائل والجاف.
وبحسب تقريرٍ فنيٍّ خاصٍّ نشرته "عين المدينة" (العدد 42) يبلغ عدد محطات تصفية المياه في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بدير الزور 100 محطّة، تستهلك 80 ألف ليتر كلورٍ سائلٍ في الحدّ الأدنى كلّ شهر. وهي كميةٌ تناظر في فعاليتها في تعقيم المياه 400 كغ من المادة الجافة، لمواصفات مياه نهر الفرات بمعدّلات تلوّثها الخاصّة بمقاطع مجرى النهر في المحافظة، بحسب لوائح التوصيات المهنية السابقة –قبل الثورة- لمؤسّسة مياه الشرب. إذ تُخلط كمياتٌ من المادة الجافة بمقادير من المياه، ليُصار إلى استخدام المحلول الناتج في تعقيم المياه المعالجة في المحطة. ويشير فنيو مياهٍ إلى أن 1 ليتر من المحلول الناتج يمكن له، مع مهارات خلطٍ عاليةٍ، أن يعقّم 160 متراً مكعباً/ ساعة، كغزارةٍ ناتجةٍ من المحطّة إلى شبكة التغذية.
ولا تتوافر مادة هيبوكلوريت الصوديوم بطورها الجاف –والسائل أيضاً- في الأسواق السورية، سواءً منها الخاضعة لسيطرة النظام أو لسيطرة الثوار أو لسيطرة داعش؛ إذ لم تكن مادةً تجاريةً متداولةً في الأسواق إلا على نطاقٍ ضيّقٍ ولبعض الصناعات الكيميائية. لكن أحد الحلول العملية المقترحة اليوم يتمثل في إتاحة الفرصة للتجار المحليين لتأمين هذه المادة من الأسواق التركية أو العراقية في حال توافرها هناك، وفي حال واصل تنظيم داعش لامبالاته تجاه هذه المسألة بالغة الأهمية والخطورة على الصحّة العامة. فمن زاوية نظرٍ أوسع تعدّ هذه القضية امتحاناً صغيراً لإمكانات داعش في الجزء الخدميّ من كيانها. وسيشير عجزها المحتمل عن تأمين كمياتٍ كافيةٍ ومنتظمةٍ من مادة الكلور إلى مدى قدرة الكيان على تلبية احتياجات السكان في المناطق الخاضعة لسيطرته.