فرزين منصوري
موقع BCC فارسي
ترجمة باختصار مهند ثابت

لا  يمضي يوم واحد في الأشهر الأخيرة إلا وذكر قاسم سليماني قائد فيلق القدس في وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية، سواء في إيران أو خارجها. تلك الشخصية المعروفة الآن سياسياً وعسكرياً، التي تعتبر رمزاً واضحاً وصريحاً لتدخل إيران في دول المنطقة.

(القائد الظل)، (الجنرال الدولي)، (القائد الشبح)، (القائد الغامض)، (كابوس الأعداء)، (صاحب سيف أشتر الزمان)، (الجنرال حاج قاسم) وكل هذا من الألقاب التي اكتسبها سليماني، سواء من قبل أتباعه أو معارضيه، تدل على شهرته الكبيرة، سواء في الداخل او الخارج. أطلق الخامنئي عليه لقب «الشهيد الحي»، أما سليماني فاختار لنفسه لقب «جندي ولاية الفقيه» الذي يظهر واضحاً في أقواله وسلوكه، حيث يتبع الخامنئي بالمطلق، والسياسات الإيرانية العامة.

يشمل مؤيدو سليماني طيفاً واسعاً من الشباب الإيراني ذوي التوجهات المحافظة والإصلاحية، وغيرهم من الشبان الذين يعدونه بطلاً قومياً يدافع عن إيران خارج حدودها لتنعم بالهدوء والأمان. في حين يعده معارضوه المسؤول الأول عن الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، والراعي الرسمي للميليشيات الشيعية في العراق واليمن ولقوات النظام السوري، ما يعرض أمن المنطقة للخطر.

على الرغم من ظهوره القليل في الأوساط العامة لكن أية صورة أو مقطع فيديو له، في ميادين القتال خاصة، ينتشر بسرعة وعلى نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي. وأُلّفت قصائد وأغانٍ في تمجيده، ووصل اسمه إلى عالم الكرتون، ليظهر بطلاً في  ألعاب الكمبيوتر المصممة في إيران، مثل لعبتي (كابوس الأعداء) و(معركة الخليج الفارسي).

يرى مراد ويسي، الصحفي في راديو (فردا)، أن هذه الشهرة تتماشى مع السياسات العامة لنظام (الجمهورية الإسلامية)  وعلى رأسها الخامنئي، يقول ويسي «يعد سليماني رمزاً للكوادر الإيديولوجية للجمهورية الإسلامية، أي الشخص الذي يخضع للقائد ويحمل فكره وينفذ تعليماته، وبصفاته هذه يعبر عن النموذج المفضل لدى القيادة في أوساط المسؤولين وكوادر الحكم العليا»

ويرى حسين قاضيان، عالم الاجتماع المقيم في أمريكا، أن الدور الأكبر للشهرة التي حققها سليماني تعود لشبكات التواصل الاجتماعي، وليس له ذات الشهرة في أوساط الأشخاص الذين لا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي كثيراً. في استطلاع للرأي تحت إشراف قاضيان نفسه بعنوان «أكثر الشخصيات السياسية شعبية في إيران» لم يعرف 45 من المستطلعين اسم سليماني. ورغم ذلك يظل العسكري الوحيد بين أكثر الشخصيات شعبية في إيران.

يقول قاضيان «أساليب السرد القصصي، التي يتبعها صحفيون غربيون يسعون لإبراز القضايا بشكل مسرحي، تتطلب شخصيات يركزون عليها، خاصة بما يتعلق بالمواجهات الجارية في سورية والعراق ضد داعش، وبالدور الإيراني في المنطقة. سليماني يشكل الشخصية الأنسب لهذا الدور»

برتبة عميد وبعمر الأربعين في العام 1997 صار سليماني قائداً لفيلق القدس التابع للحرس الثوري، ورغم أن تشكيله يعود إلى زمن الحرب مع العراق، إلا أنه لم يكن مشهوراً بهذه الدرجة.

خلال احتجاجات طلابية في العام 1999، ظهر اسم سليماني كصاحب دور سياسي، إذ وقّع مع 23 قائداً عسكرياً رسالة احتجاج إلى الرئيس خاتمي، يقولون فيها إن صبرهم قد نفد، وإنهم لن يتسامحوا أكثر مع ظاهرة الاحتجاج، وفي حال لم تضبط فإنهم سيتدخلون لضبطها. كانت الرسالة دليل واضح على تدخل الحرس الثوري في الحياة السياسية في إيران. ترقى بعض الموقعين عليها لأعلى المناصب في صفوف الحرس الثوري، ومن بين هؤلاء كان قاسم سليماني الذي حافظ على منصبه، واتسع نفوذه بشكل هائل، وحصل على رتبة لواء، أعلى رتبة عسكرية في إيران تمنح لشخص على قيد الحياة.

ولد قاسم سليماني عام 1957 في قرية ربار التابعة لمحافظة كرمان. بدأ عمله في الأشهر الأولى من الثورة في مؤسسة المياه بكرمان، ثم أُرسل كضابط إلى الحرس الثوري. وحسب ما يقول عن سيرته كان من المفترض أن يخدم 15 يوم فقط ثم يعود، لكنه بقي على الجبهة حتى نهاية الحرب مع العراق.

في بداية الحرب تشكلت كتيبة من مجموعات عسكرية في كرمان، تحولت بعد وقت قصير إلى لواء مدرع، أخذ في النهاية اسم (لواء ثأر الله)، ومنذ بداية تشكيله في العام 1982 وحتى تعيينه قائداً لفيلق القدس، ظل سليماني قائداً لهذا اللواء الذي لعب دوراً عسكرياً بارزاً في الحرب مع العراق. وبعد الحرب صارت حراسة الحدود المتاخمة لباكستان وأفغانستان مهمة رئيسية ل(ثأر الله).

أسست قوة القدس، أول الحرب مع العراق، على شكل وحدة صغيرة ذات مهمة خاصة بتوجيه العمليات الخارجية في كل من العراق ولبنان، وكذراع من الأذرع الخارجية للحرس الثوري، وهي اليوم واحدة من أهم أركان الحرس، بل يمكن عدها أهم وحدة عسكرية في إيران.