- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
من مشاهد الريف الحلبيّ المحكوم بتنظيم الدولة: حظر تجوّلٍ وإعداماتٌ ميدانيّةٌ ونزوح الأهالي
إقامة حد في منبج
منذ أن تصاعدت المواقف الدوليّة، التي انتهت إلى اتخاذ قرار ضرب المراكز الأمنيّة التابعة لتنظيم الدولة الإسلاميّة في كلٍّ من العراق وسوريا، بدأ الأهالي يهاجرون مدنهم بحثاً عن مكانٍ آمن. ويعيش من تبقّى في المدن المسيطر عليها من قبل التنظيم اليوم حالةً كبيرةً من القلق والتخوّف، خاصّة بعدما ثبت تحليق طائرات استطلاعٍ أمريكيّةٍ فوق ريف حلب، حسبما ذكر ناشطون.
حظر تجوّل
منذ أن بدأت الطائرات الأمريكيّة تحلّق فوق السماء السوريّة غيّر تنظيم الدولة الإسلاميّة من طريقة إدارته لبعض المناطق. ففي ريف حلب فرض التنظيم حظراً للتجوّل، أبلغ الأهالي به عن طريق الجوامع، يبدأ كلّ يومٍ من بعد صلاة العشاء وحتّى الساعة السابعة صباحاً.
الغريب في الأمر هو تغيّر الحركة الأمنيّة، بحسب شهادات بعض أهالي منبج، الذين رفضوا الافصاح عن هوياتهم، وقالوا إنّ سيّارات "الحسبة" –تقوم بمهام الشرطة- لم تعد تتجوّل في شوارع المدينة كما كانت تفعل سابقاً، كما لم تعد مراقبة الناس وأمرهم بالتوجه الى المساجد في أوقات الصلاة صارمةً كما في السابق.
أيمن، ابن مدينة منبج، تحدّث لـ"عين المدينة" عن حركة التنظيم في الشوارع في الأيّام الماضية قائلاً: "خلال الأسبوع الماضي قام التنظيم باعتقال عددٍ قليلٍ من الناس مقارنةً بالسابق، فقط بضعة شبابٍ في حيّ الجزيرة لارتدائهم ثياباً ضيقة. وقي هذه الأيام يبدو أنّ عناصر التنظيم خفّت حركتهم في الأسواق، خاصّة أنّنا اعتدنا عليهم سابقاً وهم يرتادون المطاعم ومحالّ بيع الهواتف النقّالة..".
إعدامٌ وصلب
فوجئ الأهالي قبل أيامٍ بحادثتي إعدامٍ وصلبٍ لاثنين من أبناء منبج، كلّ واحدٍ منهما في مكانٍ مختلف؛ هما حسين البنشي وإبراهيم علي. وحمل كلٌّ منهما تهمةً مختلفة؛ فالأوّل كانت تهمته أنّه عنصرٌ من الجيش الحرّ، قاوم التنظيم وقت دخوله إلى المدينة، وتمّ اعتقاله مؤخراً بعدما وشى به أحد الموالين للتنظيم من منبج. اعتقلوا البنشي بسيّارةٍ سوداء ومعها أربع سيّارات مرافقة. وعندما أرادوا ذبحه حاول مقاومتهم، فأطلقوا عليه النار وأردوه قتيلاً. كلّ هذا حدث أمام جمعٍ من الناس.
أمّا الآخر فقد استيقظ أهالي حي الحزاونة بمنبج على جثّته وهو مذبوحٌ ومصلوبٌ في منتصف الحيّ. وبرّر عناصر التنظيم عملية القتل هذه بحجة أنه "شيعيٌّ" ينتمي إلى حزب الله، فيما كذّب بعض السكان هذه التهمة، مؤكّدين أن الرجل يتحدر من قرية الرمانة القريبة من منبج ناحية الغرب.
نزوحٌ جماعيٌّ
كان للتصريحات السياسيّة التي توعّدت التنظيم بضرباتٍ موجعةٍ أثرٌ كبيرٌ في نفوس المدنيين، ممّا دعا الكثير منهم إلى حسم القرار بالرحيل. وسجّل الأسبوع الماضي نزوح عشرات العائلات إلى تركيا، في حين قرّرت عائلاتٌ أخرى التوجّه إلى القرى المحيطة بمنبج، كونها أكثر أماناً من السكن في المدينة المهدّدة بالغارات الجوية في أية لحظة.
يفسّر أبو علي، وهو من سكان منبج، سبب نزوحه وعائلته إلى مدينة غازي عنتاب التركية: "لمّا سمعنا أنّ الضربات العسكريّة بحقّ تنظيم الدولة اقتربت، بدأتُ والعائلة نفكّر بالنزوح، بسبب موقع منزلي الجغرافيّ القريب من أحد مقرّات التنظيم، وهذا ما يثير قلقي كلّ لحظةٍ هناك". وأردف كلامه: "لم ننزح وحدنا، فقد خرجتُ مع أقربائي وصديقين لي مع عوائلهم. حاول عناصر التنظيم منعنا من الخروج من المدينة في البداية، ثم ما لبثوا أن سمحوا لنا بذلك. ولم نستطع اجتياز الحدود تهريباً إلا بعد منتصف الليل، بسبب تشديد البوليس التركيّ على معابر التهريب في هذه الأيام".
وتوحي تصرّفات عناصر التنظيم تجاه النازحين عن مناطق سيطرتهم في ريف حلب الشماليّ، وكذلك ملاحقتهم للمهرّبين على الحدود، بأنهم يحاولون فرض ما يشبه الإقامة الجبرية على من تبقى من السكان، في ظل التهديدات الغربية بضرباتٍ جويةٍ على مواقع التنظيم.