يجترح هذا الكتاب تجربةً غير مألوفةٍ، بجمع «المصطلحات» التي جرى تداولها في السجون السورية في عهد الأسدين، وتبويبها بشكلٍ قاموسيٍّ مرتّبٍ أبجدياً، بالاعتماد على رواياتٍ منشورةٍ لمعتقلين سابقين.
ضمن جهود مركز أمم للتوثيق والأبحاث، الذي يولي عنايةً خاصّةً بملفّ السجناء اللبنانيين في سورية، لاحظ فريق أمم تكرار مفرداتٍ خاصّةٍ اكتسبها المعتقلون السابقون في هذه السجون. بدأت فكرة تدوين هذه الكلمات كأداة عملٍ تعين على فهم الشهادات الشفوية التي كان الفريق يجمعها. وبمقدار ما كان البحث والتوثيق يتقدّمان، كانت ملامح هذا الفهرس تتبلور وتتكامل. حتى أتى نشره في إطار «تحرير» السجناء من رغبة سجّانيهم في منع التواصل المعتاد فيما بينهم، وإحالتهم إلى نوعٍ من البلبلة تبقيهم مشتّتين.
من القاموس:
فضلاً عن المصطلحات التي صارت «مألوفةً»، كالدولاب والكرسيّ الألمانيّ والبلانكو وبساط الريح، من أدوات التعذيب، والمفردات المفهومة مباشرةً، كرئيس المهجع والتفقّد والسّخرة والقاووش؛ ترِد في الكتاب كلماتٌ ذات دلالاتٍ بالغة الغنى والتصوير، تشكّل معاً مناظير متعدّدةً للاطّلاع على هذه التجربة المريعة من كوّاتٍ مختلفة.
سيّارات اللحمة: هي الآليات المغلقة التي تُستعمل لنقل السجناء إلى مكانٍ آخر.
التشريفة (الترويضة): جولة التعذيب الأولى التي يتعرّض لها السجين عند وصوله إلى سجنٍ ما.
التعليم: وهو التأشير على سجينٍ تمهيداً لتعذيبه. والمؤشِّرون هم الحرس المناوبون الذين يراقبون السجناء من الشرّاقة، بدلالة ملابسهم (أبو البيجاما الخضرة)، أو موضعهم (صاحب الفرشة الثالثة). وهو من مصطلحات سجن تدمر.
الشرّاقة: فتحةٌ في منتصف سطح أيّ مهجعٍ في سجن تدمر، مُشَبّكةٌ بقضبانٍ حديديةٍ. من خلال الشرّاقة يراقب السجّانون السجناء من أعلى ويُعلّمون من يحلو لهم منهم.
التبنّي: هو أن يتبرّع سجينٌ شابٌّ، أو قويّ البنية، بحمل العقوبة عن سجينٍ آخر، كبير السنّ أو ضعيف البنية، جرى تعليمه في الليلة السابقة.
الفدائيون: وهم المتطوّعون من المساجين للقيام مقام زملائهم في المهامّ الخطرة، مثل إدخال الطعام إلى المهجع، أو عند التعليم، لينوب الفدائيّ عن الضعيف أو المريض في تلقّي الخمسمائة جلدةٍ.
سَيِّفْ: فعل أمرٍ يراد منه حضّ أحد السجناء على الاستلقاء على جنبه، إفساحاً في المجال أمام الآخرين للاستلقاء بدورهم، نظراً لاكتظاظ المهجع.
الاستحباس: هو التأقلم مع السجن وفيه. بطريقةٍ يبدو معها السجين وكأنه وُلد في السجن، دون أن يعيش في انتظارٍ دائمٍ لإطلاق سراحه.
التروست: هو نظامٌ استحدثه بعض السجناء، وبموجبه يودِعون ما لديهم من أموالٍ ليُصار إلى توزيعها في ما بينهم بما يفي بحاجة كلٍّ منهم. وقد راج هذا النظام بين السجناء اليساريين على نحوٍ خاصّ. والأصل اللاتينيّ للكلمة Trust يعني اندماج عددٍ من الشركات في مؤسّسةٍ واحدةٍ بشكلٍ تفقد فيه هذه الشركات استقلاليتها.
التنفّس: مدّةٌ محدّدةٌ يخرج خلالها السجناء من مهاجعهم وزنازينهم إلى ساحة السجن. وفي تدمر يكون عادةً مناسبةً للتعذيب والإهانة. فأطلق عليه بعض السجناء اسم تفطّس.
الرهائن: هم المعتقلون لا لتهمةٍ تخصّهم، بل بسبب تواري أحد أفراد عائلتهم عن الأجهزة الأمنية.
مهجع البراءة: وهو مهجعٌ في سجن تدمر، يودَع فيه من أبرئت ساحتهم ولكن لم يُفرج عنهم.
اعتزّ بنفسك: أمرٌ يوجّهه السجّان إلى السجين ليتّخذ الأخير وضعيّة «وقفة العزّ» مرفوع الرأس، مما يمكّن الأول من ضربه على زلعومه ضربةً تؤدي إلى كسر العنق، وقد تسبّب الموت في الحال.
وَقَع في الحمّام: التفسير الرسميّ الأشيع لوفاة سجينٍ ما نتيجة التعذيب والضرب.
مجموعة الحفَظَة: وهي مجموعةُ تحفظ، إضافةً إلى القرآن والحديث، ما تمكن تسميته بسجلّ سجن تدمر، أي أسماء من دخله من الإسلاميين ومصائرهم.
* صدر الكتاب في بيروت، عام 2012، من إعداد محمود حمادي، وإشراف مونيكا بورغمان ولقمان سليم.