معهد إعداد المدرّسين في محافظة حلب

رغم طابعه المدني وأهميته وتأثيره على المدى البعيد، لم يكن قطاع التعليم بمنأىً عن الاستهداف المتكرر من قبل نظام الأسد، كغيره من المؤسسات والقطاعات. فقد تعرض للقصف المباشر والمتعمّد عشرات بل مئات المرات، إذ يدرك النظام أن أي نهضة علمية في حواضن الثورة لا بد أن تشكّل صفعة قوية له، لا تقل، بل تفوق الصفعات والخسارات التي مني بها عسكرياً. معهد إعداد المدرسين أحد الصروح العلمية التي استحدثها الثوار، ونتعرف عليه عن كثب في هذه المادة.

النشأة والتأسيس

كانت البداية من مدن مارع واعزاز وتل رفعت، حيث اتفقت مجموعة من الأساتذة والأكاديميين على تأسيس كيان يتبع مركزية واحدة، يحاولون من خلاله انتشال جيل من الأطفال مهدد بالحرمان من التعليم نتيجة هجرة الكفاءات العلميّة واستشهاد وفقد الكثير منها، وكذلك انشغال بعضها في ميادين السياسة أو غيرها. وتم الإعلان عن تأسيس المعهد في أيلول 2014. وهو يهدف إلى تأهيل الطلاب في الداخل السوري، والعمل على رﻓﻊ كفاءاتهم في العملية التعليمية ليكونوا مدرّسين ومدرّسات بعد استقرار الأوضاع. ويُعدّ المعهد خياراً رئيسيّاً يلجأ إليه الطالب بعد حصوله على الشهادة الثانوية، وكذلك الجامعيون الذين لم يعد بمقدورهم متابعة تعليمهم.

الكوادر والتخصصات

يستقبل المعهد حاملي الشهادات الثانوية بكافة فروعها (علمية؛ أدبية؛ شرعية) شريطة حصولهم على معدل يفوق 50 في المائة من المجموع العام، واجتياز امتحاني القبول الشفهي والكتابي. ويتألف المعهد من ثمانية فروع تتوزع في كل من: تل رفعت ومارع واعزاز وعندان وعينجارة ودارة عزة والأتارب والزربة. ونتيجة سيطرة ما يسمّى «قوات سورية الديمقراطية» على تل رفعت، وسيطرة النظام على طريق نبّل قرب عندان؛ فقد نزح المعهدان المذكوران إلى إحدى المناطق الحدودية مع تركيا ليواصلا عملهما رغم الظروف الصعبة. يحوي المعهد عدة أقسام وفق الاختصاصات الآتية: (لغة عربية؛ لغة إنكليزية؛ علوم؛ رياضيات؛ تربية؛ معلم صف؛ شريعة). وتضم الفروع بمجموعها 1465 طالباً وطالبةً موزّعين على 69 شعبة، بكادر تدريسي مؤلف من 155 من حملة الدكتوراه أو الماجستير أو الإجازة الجامعية، ممن لديهم خبرة في التدريس لا تقل عن خمس سنوات. في حين بلغ عدد الإداريين خمسة وسبعين.

الشهادة والاعتراف

يتبع المعهد لوزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة. ويحظى باعتراف في كافة المناطق المحررة وتركيا وبعض الدول التي تعترف بالحكومة. ويقول غسان كورج، مدير معهد عندان، لـ«عين المدينة»: يتفوق معهدنا بمراحل على معهد إعداد المدرسين التابع لحكومة الأسد سابقاً، من جهة تطوير المناهج وأساليب التدريس، إذ قمنا بإدخال مقررات جامعية إلى منهاجنا، واعتمدنا عدداً من القوانين الجامعية. يقضي الطالب عامين عندنا ليتخرج كمعلم أو مساعد مدرّس للمرحلتين الابتدائية والإعدادية، وقد تخرجت العام الماضي الدفعة الأولى للمعهد في كافة الاختصاصات. وبعيداً عن المناهج الرسمية لدينا عدد من النّشاطات المتنوعة التي نقيمها بين الفينة والأخرى.

غسان كورج

صعوبات وتحديات

يواجه المعهد عراقيل وتحديات كبيرة، إلا أنه صمد للعام الثالث رغم هذه الصعوبات التي كان ولا يزال من أبرزها، حسبما صرّح كورج: عدم طباعة المناهج بشكل رسمي وفني أنيق، إذ لا نزال نعتمد نسخاً إلكترونية يتم تصويرها وطباعتها على شكل «نوطة». وكذلك الدعم المالي المتعثر للمدرّسين والإداريين في العام الحالي هو أحد أبرز العقبات، إذ لا يحصل المدرّسون والإداريون إلا على مقابل بسيط جداً لا يكفي حاجاتهم، ويأتي على شكل منح من إحدى الجهات الخيريّة كل أربعة أو خمسة شهور. ونواجه أيضاً صعوبات كبيرة في تأمين المواصلات للطلاب والمدرّسين على حد سواء، خصوصاً معهدي تل رفعت وعندان بعد نزوحهما من مناطقهما إلى منطقة أخرى على الحدود السورية التركية.

يضيف كورج: قصف المراكز أحد التحديات والمخاوف التي تواجهنا أيضاً، لأن نظام الإجرام يخشى من القلم والفكر والعلم -كما من أي مشروع نهضوي- أكثر مما يخشى من السلاح. ولا زلنا نذكر أواخر 2013 عندما بدأ بقصف مدينة حلب بالبراميل حين شهدت حركة تعليميّة وتجاريّة ونشوء مؤسسات ومجالس بدأت تستقطب بعض سكان وتجّار الأحياء الغربيّة من المدينة!