مركز ورقة الثقافيّ

فريق "ماس" التطوعيّ في حلب ينظّم نشاطاتٍ اجتماعيةً وتراثيةً وشبابيةً مبتكرة

خلف معركة السلاح التي تدور في سوريا ثمة معركةٌ أخرى لا تقلّ شأناً عنها، وهي معركةٌ ضدّ الفكر الذي تحمله بعض القوى ذات التوجهات الطائفية أو الإرهابية على الأرض، والتي تسعى جاهدةً إلى زرع أفكارها في الشباب، مستغلةً الدين تارةً والعاطفة تارةً أخرى.

مجموعةٌ من الناشطين الحلبيين وجدوا أن تلك المعركة تعنيهم، وقرروا خوضها بتأسيس مركزِ ثقافيٍّ في أحد أحياء حلب القديمة، وتنظيم النشاطات والفعاليات الثقافية والمجتمعية بهدف العمل على مواجهة الحرب الفكرية التي يشنها نظام الأسد وميليشياته الطائفية، بالإضافة إلى تنظيم "الدولة الإسلامية".

إحياء تراث المدينة
بعد أكثرِ من ستة شهورٍ من العمل المتواصل الذي قام به فريق "ماس" التطوعيّ، أُعلن بتاريخ 14/12/2015 عن افتتاح "مركز ورقة" الثقافيّ في حفلٍ إنشاديٍّ أحياه المنشد الحلبيّ الشهير "أحمد حبّوش"، بحضور عددٍ كبيرٍ من الناشطين والسكان. وتخللت الحفل وصلةٌ لفرقة المولوية التي تُعدّ من التراث الحلبيّ الذي تشتهر به المدينة.

وقال الناشط عبد الرحمن إسماعيل، أحد أعضاء فريق "ماس" التطوعيّ، في تصريحٍ لـ"عين المدينة": "عملنا طوال ستة أشهرٍ على تجهيز مقرّ المركز وإعادة تأهيله، وهو خانٌ قديمٌ في أحد أحياء حلب القديمة. وعند الانتهاء قمنا بدعوة الفعاليات المدنية في حلب لحفل الافتتاح، الذي قرّرنا أن يكون بحفلٍ إنشاديٍّ ورقصاتٍ لفرقة المولوية للتأكيد على إحياء ثقافة وتراث حلب الأصيلة".

يومٌ بلا إنترنت
يطمح القائمون على المركز أن يؤمّنوا لروّاده جوّاً مفتوحاً ومريحاً يتيح لهم تبادل الأفكار مع كافة شرائح المجتمع من خلال التواصل المباشر، فينظّم نشاطاً أسبوعياً بعنوان "يومٌ بلا إنترنت"، يجتمع فيه عددٌ من الناشطين العاملين في المدينة، يقضون مدّة 12 ساعةً متواصلةً سوياً في التواصل والحديث المباشر وجهاً لوجه.

ويرى الناشط الإعلاميّ عبد الرزاق زقزوق، أحد روّاد "مركز ورقة"، أن نشاط "يوم بلا إنترنت" من أفضل النشاطات التي ينظّمها المركز. ويقول في تصريحٍ لـ"عين المدينة": "منذ أن بدأت الثورة انحصر تواصلنا مع بعضنا بالتواصل الافتراضيّ عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعيّ. وعلى الرغم من إيجابيات تلك الوسائل لكن سلبياتها أصبحت أكثر من إيجابياتها؛ فالتواصل الافتراضيّ لا يتيح فرصة التعرّف إلى أفكار الآخرين بشكلٍ جيدٍ والاستفادة منها، لأن تواصلنا عبرها يقتصر على أشخاص يشبهوننا في الفكر، وغالباً مع أشخاصٍ معيّنين فقط. لكن الأمر تغيّر عندما بدأنا نشارك في فعاليات هذا النشاط، خاصّةً عندما يشارك فيه عددٌ كبيرٌ من الناشطين بمختلف توجهاتهم الفكرية ومستوياتهم الثقافية".

وأضاف زقزوق: "تمكنا خلال نشاط "يوم بلا إنترنت" من التوصّل إلى أفكارٍ جديدة ومناقشة مشاريعَ ثوريةٍ تطوّعيةٍ نجحنا في تنفيذها بشكلٍ لافت، خاصّةً احتفالية إحياء الذكرى الخامسة للثورة. فقد شارك الجميع في الأفكار والاقتراحات التي خططنا لها وطبقناها خلال الاحتفالية. وخلال طرح الأفكار ناقشنا كافة الصعوبات والتحديات التي قد تواجهنا خلال التطبيق العمليّ، الأمر الذي أسهم في نجاح ما خططنا له. والأهم من ذلك مشاركة حرائر المدينة اللواتي كانت بصماتهنّ واضحةً في التخطيط والتنفيذ".

مكتبةٌ وصالات تدريب
غياب الجامعات والمعاهد في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، وانقطاع الشباب عنها، شكّل هاجساً لدى فريق "ماس" التطوعيّ، الذي يقوم على "مركز ورقة"، لتأمين البديل، فأحدث ضمن المركز مكتبةً ضخمةً تضمّ عدداً كبيراً من الكتب بمختلف أنواعها، أتاحت لروّادها فرصة القراءة والاستعارة الخارجية.

وأشار عبد الرحمن إسماعيل إلى أن المركز يضمّ أيضاً صالتين مجهّزتين بوسائل التدريب المتطوّرة، بهدف تقديم الخدمات بشكلٍ شبه مجانيٍّ للمنظمات التي تريد أن تقيم دوراتٍ لكوادرها. لافتاً إلى أن المركز ينظَّم، بشكلٍ دوريٍّ، دوراتٍ مجانيةً في اللغات الأجنبية وفي مجالاتٍ تعليميةٍ أخرى.

ويتحدث إسماعيل عن فريق "ماس" قائلاً: "يضمّ الفريق عدداً من الناشطين الثوريين العاملين في مدينة حلب. تمّ تأسيسه قبل حوالي عامٍ ونصف. له نشاطاتٌ عديدةٌ في تنظيم فعاليات الدعم النفسيّ للأطفال ولطلاب المدارس. ويعمل حالياً بشكلٍ تطوّعيٍّ بالكامل دون تلقي أيّ دعم".