- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
مراهقون وأرباب أسر يحترفون المراهنة.. ومقهى عمار يستقبل الجميع في اللاذقية
في حي الزراعة وسط مدينة اللاذقية، الحي الذي يمكن لمن يقدر على الاستثمار فيه أن يعمل في المهنة التي يرغب، كون غالبية الميليشيات ذات السطوة في اللاذقية لها نقاط تمركز فيه، وكون غالبية مستثمريه وملاكه قريبين من مراكز صنع القرار في اللاذقية، وفي دمشق أحياناً- هنا في هذا الحي يتموضع مقهى عمار الذي تزداد شهرته يوماً بعد يوم، وخاصة مؤخراً بعد أن بدأ يجذب مختلف الفئات العمرية في اللاذقية، وبالذات المراهقين للمراهنة على المباريات الرياضية وكسب المال السريع.
على مرأى المارة وسكان الحي، والشرطة والأمن وعناصر الميليشيات، وجميع أنواع السلطات في المدينة التي لا تعد فيها السلطات ولا تحصى، يستمر علي عمار بالعمل في المقهى بمهنة غير مرخصة، تستهدف الفئة الشابة والمراهقة، وتنظم علمها وفق معايير معروفة عالمياً للمراهنات، عبر مواقع الإنترنت الشهيرة بتقديم هذه الخدمات مثل موقع "ويليام هيل" أو "تايم سكور"، فيما ينتظر المراهنون نتائج المباريات على اختلافها، وخاصة تلك التي تحوز على معجبين ومتابعين من شتى شرائح المجتمع مثل الكلاسيكو الإسباني، أو مباريات الدوري الإنكليزي، فتوضع المبالغ للرهان وتحسم بفوز ذاك وخسارة آخر، فيما تصل بعض المبالغ التي يتم التراهن عليها إلى ملايين، و لعلي عمار صاحب المقهى نسبة من كل مبلغ يتم التراهن عليه.
أكثر من ثلاثة مقاهٍ أخرى في اللاذقية تعمل في مصلحة المراهنات، وكذلك في طرطوس وجبلة، وبالتأكيد في المدن الأخرى كدمشق، إلا أن اللاذقية هي أولى المدن التي بدأت بنشر تلك الظاهرة، كما أنها تتسم بكثرة عدد مقاهي المراهنة فيها، وعدم سرية أي محل منها، بل وجذبها لفئات ذات ارتباطات بالدولة والميليشيات المسلحة، "هناك قادة ميليشيات وضباط يراهنون عند علي عمار" يقول سعد مير الذي سبق وزار مقهى عمار، واطلع على المراهنات فيه بشكل مباشر.
يروي سعد لعين المدينة "هناك مراهقون بسن 14 سنة يراهنون على مباريات ريال مدريد وبرشلونة بمبالغ ألف وألفي ليرة، وهناك طلاب جامعة وأرباب أسر. ويبررون ذلك بأن المراهنات قد تحقق كسباً سريعأً يعينهم في حياتهم المعيشية، خاصة وأن أغلبهم من الموظفين أو الفئة التي من الصعب عليها الاعتماد على رواتبها فقط في مواجهة الظروف المعيشية الحالية؛ كلهم ينتظرون فريسة غير ذات خبرة في المراهنة، أو ضحية جديدة على أجواء التوقعات والمباريات ولا تعرف بمستويات الفرق، ليتم اصطيادها سريعاً من قبل مراهنين يقضون أوقاتاً طويلة في هذه المقهى أو في سواه".
مروجون ينتشرون في شوارع المدينة في محاولة جذب المزيد من الشبان إلى المراهنة، يدعون "الديلرية"، وهي التسمية نفسها التي تطلق على تجار الممنوعات من مخدرات وغيرها، وهم ذاتهم تجدهم في مكاتب المراهنات يقومون بتنظيمها وحفظ الأموال، ومن ثم توزيعها، واقتصاص حصتهم وحصة المحل، وفق نموذج معروف عالمياً، ومنظم قانونياً في بعض بلدان العالم.
يقول المصدر "ليس غريباً انتشار المراهنات في سورية حالياً، خاصة وأن هناك قطاعات كانت تشجع عليها كشركات الاتصالات، فسيرياتيل هي أكبر شركة اتصالات في سوريا، كانت تحض على المراهنة في مباريات كرة القدم الكبرى، وتدعوا إلى التراهن وكسب وحدات الاتصالات مجاناً في حال كسب الرهان، وما يجري في المقاهي ليس أكثر من مثّل هذه الأخلاق ذاتها والتراهن بشكل مباشر ومنظم".
في صيف 2016 في مدينة طرطوس انتحر الشاب رودي فياض، وعند صدور التقرير الجنائي تبيّن أن الانتحار سببه المراهنة، حيث تراهن هذا الشاب مع شبان آخرين وخسر الرهان، وكان عليه دفع مبالغ مالية كبيرة لم يكن يملكها، ثم بدأت التهديدات تصله لإجباره على دفع المبلغ، لينتحر في النهاية، وتسجل بذلك أولى الحالات الجنائية التي سببتها هذه الظاهرة التي تزداد حالياً، ويتكاثر جمهورها وخاصة ممن لا يتقنونها ولا يتابعون المباريات إنما يرغبون بالربح السريع، وهم ما يعرفون في وسط المرهنين القدماء بـ "الضحايا"