محلّ "يلعن روحك يا حافظ" في برلين!

منذ بداية الثورة، أسهم السوريون المغتربون في دعم الحراك الثوريّ. وكانت هذه المساهمات تأخذ أشكالاً معروفة، كالدعم الماديّ والمساعدات العينية وغيرها. لكن في شارع (زونن آلي)، ذي الغالبية العربية في برلين؛ اختار أحد أصحاب المحلات التجارية من السوريين طريقةً "غريبةً" في دعم الثورة وإعلان موقفه المعارض لنظام الأسد.

(فقط في سوريا: ابن المهندس بصير مهندس وابن الأستاذ بصير أستاذ وابن الكلب بصير رئيس)، (يلعن روحك يا حافظ...)، بمثل هذه العبارات -وما لا يسعنا نشره- تمتلئ واجهة محل (الشرق)، التي تحوّلت إلى منبرٍ لشتم الأسد ومؤيديه. وليصبح المحلّ نقطة علامٍ للسوريين في المدينة، ومكاناً مكروهاً لمؤيدي النظام القلائل من العرب والسوريين في المنطقة. يشرح صاحب المحل، لطفي الحبال، ابن مدينة دمشق، الأسباب التي دفعته إلى التعبير عن بغضه للنظام بهذه الطريقة فيقول: "غادرت سوريا صغيراً، منذ 29 عاماً. وافتتحت محلي قبل 12 سنة. وكنت، كمعظم السوريين، أذهب إلى سوريا للزيارة قبل الثورة، وألاحظ فساد النظام وما فعله بالبلد وبالناس. لكن، مع بداية الثورة وما رأيناه من إجرام الأسد وأتباعه؛ انكسر جدار الخوف لدى السوريين، فوجدت أنّ من الضروريّ أن أعلن عن موقفي ضدّ هذا النظام ومؤيديه، أسوةً بالثوّار في الداخل ودعماً لهم. فاخترت واجهة محلي لألفت نظر المارّة في الشارع، خصوصاً وأنّ غالبية سكان المنطقة من العرب، وبدأت بلصق الجمل والشعارات التي تعجبني والتي رأيتها تعبّر عن شعوري تجاه النظام".
ولدى سؤاله عما إذا كانت هذه الشعارات سليطةً ومهينةً للأسد وأتباعه، وتؤثر على عمل المحل أو تستفزّ بعض الجيران والزبائن، يقول: "أولاً، الرزق على الله. ثانياً، أرى أن هذه العبارات والرسوم عاديةٌ جداً. والهدف منها كسر شوكة هذا النظام الذي داس الشعب السوريّ على تماثيله منذ يوم الثورة الأوّل. وفيما يخصّ مؤيدي النظام؛ فلا شك في أنها تستفزّهم، فيأتي بعضهم بحجّة الشراء لكي يدافعوا عن سيدهم ويقولوا إنّ بشار جيد، وإن الثورة خربت البلد، وإنّ التعليم والطبابة كانتا مجانيتين، وإلى ما هنالك من كلامٍ فارغ -علماً أن معظمهم من اللبنانيين الذين يعيشون هنا في ألمانيا بحرّية- فأقوم بطردهم. وفي إحدى المرّات أتى أحد الأشخاص ليقول إنّ عبارة "يلعن روحك يا حافظ"، التي وضعتها في صدر المحل، حرام، فقلت له إنّ الحرام هو الصمت عما يرتكبه النظام بحق أهلنا في سوريا. لكن، بالمقابل، يأتي الكثير من الزبائن الذين يبدون مساندتهم ودعمهم. حتى أنني ما زلت أحتفظ بقصاصةٍ ورقيةٍ وجدتها معلّقةً على باب المحلّ في الصباح وقد كتب عليها (روح... الله محيّي أصلك)".
يقصد المحلّ الكثير من الزبائن، وغالبيتهم من العرب، لشراء الأراكيل والعطور وسيديات الموسيقى والأفلام، إلى جانب مشغولات علم الثورة اليدوية. وفي تعليقه على هذه العبارات يقول محمود، وهو لاجئٌ سوريٌّ في برلين، وأحد زبائن المحلّ: "عندما أتيت لأوّل مرّةٍ إلى هذا الشارع لفتت واجهة المحلّ انتباهي، وضحكت كثيراً فهي طريفة. وأعجبتني صورةٌ رأيتها سابقاً على الفيسبوك لمقارنة الشبه بين بشار وصلاح جديد، أحد قيادي البعث. لكني لم أكن أتصوّر أن أراها معلّقةً على واجهة محلّ، وخصوصاً في برلين، فقرّرت الدخول وشراء أيّ شيءٍ من المحلّ دون أن أعرف حتى ماذا يبيع".
تنتشر على ضفتي شارع (زونان آلي) الكثير من المحالّ العربية التي لا تخفي هويتها وأسماءها، كمقهى أم كلثوم، وفروج المدينة، وسفريات الحنان، ومؤسسة طه وياسين الإسلامية لدفن الموتى، بالإضافة إلى عشرات المحالّ والمهن على طول الشارع الحيويّ الممتدّ لكيلومترات. ويُعرض معظم أصحاب المحلات عن إعلان مواقفهم السياسية، حفاظاً على الزبائن، فيما يستنكر لطفي الحبال هذا ويقول: "ربما يخافون، هم أحرار. أنا من جهتي سأستمرّ بقول رأيي السياسيّ ووضع ما أشاء حتى بعد سقوط نظام الأسد".