إعداد: بكر صدقي
(عن تقريرٍ صحفيٍّ في جريدة "حرييت" التركية)
في السادس من كانون الثاني 2015، أي قبل يومٍ واحدٍ من هجمات باريس الإرهابية، قامت امرأةٌ منقبةٌ ومجلببةٌ بالهجوم على مركزٍ للشرطة التركية في ساحة السلطان أحمد في قلب إسطنبول. قُتل شرطيٌّ في الحادث، وقُتلت المرأة التي اتضح أنها داغستانية الأصل وتدعى ديانا رمضانوفا.
وفقاً لتحقيق يوميّة "حرييت"، المستند إلى المعلومات التي توافرت لأجهزة الأمن التركية، كانت الانتحارية متزوجةً من جهاديٍّ قُتل، في معارك كوباني، في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). تمّ التعارف بين رمضانوفا وزوجها النرويجيّ، أبو علويتش أدلبيجيف، الذي يتحدّر من أصلٍ شيشانيٍّ، عام 2012، عبر شبكات التواصل الاجتماعيّ. وهو العام نفسه الذي اعتنق فيه أدلبيجيف الأفكار المتشدّدة، ثم بدأ تعاطفه مع تنظيم الدولة.
العلاقة، التي بدأت كصداقةٍ، سرعان ما تحوّلت إلى حبٍّ ثم زواجٍ عرفيٍّ. وتغيّرت حياة رمضانوفا بصورةٍ جذرية. فبعدما أمضى الزوجان في إسطنبول ثلاثة أشهرٍ، ربما كشهر عسل، انتقلا إلى سورية بطرقٍ غير شرعيةٍ، حيث التحقا بصفوف داعش. بعد مقتل زوجها، اجتازت رمضانوفا الحدود مرّةً أخرى إلى تركيا. من مدينة غازي عنتاب استأجرت سيارة تاكسي أوصلتها إلى إسطنبول. ولم يُعرف بعدُ ما إذا كانت قد التقت بأحدٍ في غازي عنتاب أو إسطنبول قبل تنفيذ ما جاءت من أجله.
استقرّت أسرة أدلبيجيف، الشيشانية الأصل، عام 2002، في مدينة فريدريكستاد النرويجية، وكان عمر أبو علويتش حينذاك 12 عاماً. استمرّت حياة الفتى وأسرته هناك بصورةٍ طبيعيةٍ حتى عام 2012. ثم تغيّر، في الثانية والعشرين من عمره، حين بدأ يتبنّى الأفكار المتشدّدة.
في أيار 2014 دخلت رمضانوفا من روسيا إلى تركيا بفيزا سياحيةٍ، في حين لم يتمّ العثور على قيود دخول أدلبيجيف، ومن المحتمل أنه دخل بطريقةٍ غير مشروعة. كما لم يُعرف أين عُقد قران الزوجين، أفي إسطنبول أم في سوريا؟ ولا عُرفت أية تفاصيل عن الأشهر التي أمضياها في إسطنبول. حصلت الأجهزة الأمنية على صورٍ تفيد بأنهما تجوّلا في مناطق السلطان أحمد وفاتح وأورتاكوي.
وفقاً لمعلومات أجهزة الاستخبارات التركية والنرويجية، اجتاز الزوجان الحدود إلى سوريا، في تموز، حيث انضمّا إلى تنظيم الدولة باسمين مستعارين هما إدريس وسميرة. في غضون ذلك كانت تحرّياتٌ أمنيةٌ تجري في النرويج حول الأنشطة الإرهابية لأدلبيجيف وعددٍ من أصحابه، صدر بنتيجتها قرارٌ قضائيٌّ بتجميد الأرصدة المصرفية له ولشخصٍ آخر يدعى عبد الحكيم سانشيز هامر، بدعوى وجود شبهاتٍ قويةٍ حول تورّطهما في أنشطةٍ إرهابيةٍ. ولا يُعرف ما إذا كان الأنتربول قد لاحق أدلبيجيف أثناء الأشهر التي أمضاها في إسطنبول.
قتل أدلبيجيف في كانون الأول 2014. وفي 26 من الشهر نفسه اجتازت زوجته الحدود عائدةً إلى إسطنبول، وكانت حاملاً بطفلٍ في شهره الثاني. أمضت أحد عشر يوماً في أحد الفنادق إلى حين تنفيذها الهجوم. ولم تصل الاستخبارات التركية إلى جوابٍ عن سؤال: من أين حصلت على القنبلتين، هل أحضرتهما معها من سورية، أم حصلت عليهما داخل الأراضي التركية؟ المعروف هو أنها تجوّلت في الساحة وقرب جامع السلطان أحمد نحو ساعةٍ ونصف قبل الهجوم. لم تنفجر القنبلة الأولى بعد سحب مسمار الأمان، فأصيبت رمضانوفا بطلقٍ ناريٍّ من عناصر المركز الذين انتبهوا إليها. لكنها استطاعت سحب مسمار أمان القنبلة الثانية المميتة.
كانت ديانا رمضانوفا، قبل زواجها من أدلبيجيف، فتاةً حاسرة الرأس ترتدي ثياباً عصريةً ومتخففةً، كما تظهر في صورٍ لها مع أصدقائها وأخرى منفردة. ثم تغيّر نمط حياتها تماماً بعد ارتباطها بأدلبيجيف، فظهرت بالجلباب الأسود والنقاب في كثيرٍ من الصور مع زوجها، سواءً في إسطنبول أم في سوريا.
أما أبو علويتش فكان بطلاً في رياضة رفع الأثقال، التي ورث الاهتمام بها عن أبيه. وقد حصل على الميدالية الذهبية في مسابقة العام 2008 لهذه اللعبة. وكان أبوه من لاعبي رفع الأثقال البارزين على مستوى بلده الأصليّ الشيشان، في عقدي السبعينات والثمانينات.