في مشفيَي الرقة والطبقة

نقصٌ في الكوادر.. وأطبّاء مهاجرون.. وقسمٌ للحجامة

أعلن ما يسمّى "ديوان الصحة" في تنظيم داعش عن افتتاح مشفى التوليد العامّ في مدينة الطبقة، والمشفى العامّ في مدينة الرقة، مطلع الشهر الماضي.

ويأتي هذا الإعلان بعد إعادة تأهيل المشفيين اللذين توقفا عن العمل نتيجة اتخاذ النظام من مشفى التوليد في الطبقة ثكنةً عسكريةً له، والدمار الذي طال أجزاء من مشفى الرقة العامّ بعد دخول التنظيم إلى المدينة.

وكما جرت العادة، نشر التنظيم مقاطع دعائيةً مصوّرةً للمشفيين، مستعرضاً فيها الخدمات التي تُقدّم بوصفها إنجازاتٍ يتوافد الناس إليها بكثرةٍ بعد أن استطاع التنظيم الفصل بين الرجال والنساء، على حدّ تعبير مدير مشفى الطبقة العامّ للتوليد.

لكن، بالنظر إلى الواقع من الداخل؛ يحوي مشفى الطبقة العامّ للولادة على قسمٍ خاصٍّ بالأمراض النسائية والتوليد، وقسمٍ للأطفال، بالإضافة إلى مخبرٍ وصيدليةٍ وسيارة إسعافٍ واحدة. ويبلغ عدد الطبيبات العاملات في قسم التوليد والنسائية 3 طبيبات، و5 أطبّاء في قسم الأطفال، بحسب ما أفادنا أحد العاملين الذي رفض الكشف عن هويته. وقياساً إلى الرقعة الجغرافية التي يغطّيها المشفى -القاطع الغربيّ لـ"ولاية الرقة"، حسب التسمية المعتمدة لدى التنظيم- وبالقياس إلى الكادر الطبيّ الذي كان يعمل في السابق؛ فإن عدد الأطباء الحاليين قليلٌ جداً بالنسبة إلى مشفىً من المفترض أن يخدم على مدار الساعة.

أما بالنسبة إلى مشفى الرقة العامّ، فهو يتألف من عدّة أقسامٍ: العناية المركّزة؛ الأشعة؛ العلاج الفيزيائيّ؛ الكلية؛ الأطفال. فيما يعدّ قسم الحجامة أحدث إضافات التنظيم إلى السلك الطبيّ. ويشرف على هذا القسم معالجٌ بالحجامة، مصريّ الجنسية، يكنّي نفسه الدكتور أبو عبد الله المصري. ويشكّل الأطباء "المهاجرون" معظم الكادر الطبيّ للمشفى، إذ يشرف على الأقسام الباقية مهاجرون من دول روسيا والهند وتونس وأستراليا، التي ينتمي إليها طبيب قسم الأطفال الملقب أبو يوسف، الذي صرّح، في تسجيل التنظيم المصوّر، أنه غادر بلاده من أجل العمل في "دولة الخلافة". ووجّه نداءً للأطباء والعاملين في القطّاع الطبيّ في الغرب طالباً منهم المجيء للعمل في خدمة المسلمين، على حدّ تعبيره. منوّهاً إلى توافر كافة التجهيزات الطبية والأدوية، وإلى أنّ المعاناة الكبيرة للكادر الطبيّ في المشفى تكمن فقط في نقص عدد الأطباء والممرّضين.

وبحسب مصدرٍ مقرّبٍ من "ديوان صحة" التنظيم، فإنّ معظم الأجهزة الطبية وحواضن الأطفال المستخدمة في المشفيين هي من الأجهزة التي كانت موجودةً في الخدمة قبل سيطرة التنظيم على المدينتين. في حين أنّ بعضها الآخر تم الاستيلاء عليه من المشافي الميدانية الصغيرة، ومن عيادات الأطباء الذين هجروا مناطقهم بعد دخول التنظيم، هرباً من الممارسات والضغوطات التي شهدها السلك الطبيّ.

يبدو تدهورُ قطّاع الخدمات الصحية والطبية في المناطق الخاضعة لسيطرة داعش، الآن، أكبر من أنْ يُخفى. فبعد أن سبق له افتتاح ما أسماه كلية الطب في الرقة، بغية تخريج أكبر عددٍ من الأطباء والممرّضين بأسرع وقتٍ ممكن؛ يسعى التنظيم إلى تغطية النقص الشديد في الكوادر، الذي تعاني منه المراكز الطبية والمستشفيات، كيفما اتفق. تارةً بتوظيف أشخاصٍ من غير المؤهّلين، أو من خلال نداءات الهجرة التي لا يبدو أنها نجحت سوى في استقطاب قلةٍ قليلةٍ من الذين أتوا ليعالجوا الجرحى الذين يصابون على امتداد ساحات المعارك المفتوحة، كغايةٍ أساسيةٍ لقادة التنظيم. في حين يعاني الرازحون تحت حكمه ودعايته من نقص الخدمات الطبية والأدوية والكوادر. هذا، على الأقلّ، ما يأتي على لسان مسؤوليه من حيث لا يقصدون.