- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
في مدينة الطبقة... 150 ألف نازح يعتمدون على ما تقدمه منظمات الإغاثة
منذ سيطرت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على مدينة الطبقة، في أيار الماضي، نشطت منظمات تعنى بشؤون الإغاثة والصحة والخدمات والبنى التحتية، بعضها تأسس في المدينة، فيما شكل البعض الآخر فروعاً لمنظمات مؤسسة من قبل.
يصعب اليوم، في ظل الأزمات الكبيرة التي تعاني منها مدينة خارجة من حرب مثل الطبقة، تقييم أدوار هذه المنظمات، نظراً لتنوع مجالات عملها واتساع الشرائح المستهدفة في مشاريعها القصيرة والطويلة الأجل. يتقاطع عمل بعض المنظمات في مجالات اختصاصاتها المتنوعة، وتتكامل أنشطتها –نظرياً- في سعيها إلى توفير الشروط المعيشية للفئتين اللتين تستهدفهما، من سكان أصليين في المدينة ونازحين إليها. كما يمكن تقسيم النازحين إلى فئات تبعاً للمناطق التي جاؤوا منها. يفيد هذا التقسيم في تقدير الاحتياجات والتخطيط لتلبيتها، إذ سيرجع النازحون من مدينة الرقة إليها بعد خروج التنظيم، ما سيقلص أعداد النازحين إلى حد كبير خلال الأشهر القريبة القادمة، بناء على مجريات العملية العسكرية الدالة. أما النازحون من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في ريف حلب الشرقي فلا يمكن التكهن بوقت رجوعهم، ما يفرض على منظمات الإغاثة إدخال بقائهم الطويل في مدينة الطبقة في الحسبان. وكذلك الحال بالنسبة إلى سكان الطبقة النازحين عنها، الذين ترتبط عودة بعضهم بتحسن الأحوال الاقتصادية والخدمية، وهو الشأن المنوط بمجلس الطبقة المدني –أسسته قسد- وبالمنظمات المهتمة بإعادة تأهيل البنى التحتية والمنظومات المرتبطة بها في حقول الخدمات والصحة والتعليم. إلى حد كبير يعتمد مجلس الطبقة على المشاريع التي تنفذها المنظمات، سواء تلك المهتمة بمياه الشرب أو صيانة الأبنية المدرسية أو توفير الخدمات الطبية. وتبرز المشاريع الضخمة التي تنفذها منظمات مثل Concern Worldwide وW.F.B وI.R.D وMERCY CORPS و«فريق التدخل السريع» و«أمل أفضل للطبقة» وغيرها، إضافة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNCHR، كرافد هام لجهود إعادة الاستقرار في الطبقة، نظراً لطيف الأعمال الواسع الذي تنفذه هذه المنظمات. ابتداء من تأمين مياه الشرب (Concern) وانتهاء بإصلاح الطرق (فريق التدخل السريع)، مروراً بحملات التوعية التي تطلقها من حين لآخر (أمل أفضل للطبقة)، وما يرافق هذه الحملات من أنشطة ميدانية بتجميل شوارع المدينة ومحو آثار داعش من جدرانها. وإلى جانب هذه الأعمال تضطلع بعض هذه المنظمات بأعمال إغاثية شديدة الأهمية في مدينة الطبقة اليوم، رغم المصاعب التي تفرضها الأعداد المرتفعة لمستحقي العون بما يفوق، في كثير من الحالات، الإمكانات والموارد المالية المتاحة لهذه المنظمات.
أحصى مكتب شؤون المنظمات التابع لمجلس الطبقة المدني أكثر من 125 ألف نازح إلى المدينة، في إحصاء غير مكتمل حتى الآن، ما قد يرفع العدد إلى 150 ألفاً، وربما أكثر، يحتاجون جميعاً إلى سلال غذاء يومية ومساعدات أخرى تحسّن أماكن الإيواء المؤقتة التي يقيمون فيها. وبالتالي إلى منظمات توزع سلالاً غذائية بشكل شبه منتظم، وأغطية وأدوات المطابخ وخيم ومصابيح وغيرها من مستلزمات الإيواء الضرورية. تطرح قضية النازحين مشكلة أخرى تتمثل بإشغالهم بعض المدارس، ما قد يعيق خطط مجلس الطبقة ببدء العام الدراسي منتصف أيلول القادم. ويشكو أعضاء المجلس من تأخر تنفيذ الوعود التي قطعتها منظمات دولية بالمساعدة على تأمين أماكن إيواء بديلة.
تقول أم علي، النازحة إلى الطبقة من بيتها في حي الدرعية بمدينة الرقة، إنها لم تجد مأوى، لها ولأطفالها، سوى مدرسة، تشاركت فيها مع أسرة أخرى الإقامة في غرفة صفية. وتشعر المرأة بالخطر من شائعات إخلائهم: «وين نروح؟... ما بي مكان نتآوى بيه غير هالمدرسة». وفضلاً عن شبح الإقامة في العراء يخشى هؤلاء المقيمون ضياع فرصهم بالحصول على السلل الغذائية التي تقدمها المنظمات في حال تركوا المدارس التي تعد هدفاً رئيسياً لأعمال الإغاثة، بالإضافة إلى الأمكنة والمباني العامة الأخرى حيث التجمعات الكبيرة للنازحين. أم علي ومعظم من ينال مساعدة المنظمات في مدينة الطبقة يعتمدون على هذه المساعدات بشكل رئيسي في حياتهم اليومية، ولولاها لتحولوا إلى متسولين حسب ما يقول عبد الله، النازح هو الآخر من الرقة مع زوجته وابنته وأولادها: «ما بي شغل، وما أقدر أشتغل. صار عمري خمسة وستين سنة. وما لي حدا برى يبعث لي شي. عايشين على هالإغاثات والمساعدات اللي تتوزع، والحمد لله ماشي الحال. لولاها كنا شحذنا أو متنا من الجوع».