- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
غلاءٌ متصاعدٌ في مدينة دير الزور تنظيم "الدولة": لا يجوز تحديد الأسعار سلفاً
لم تتوقّف أسعار السلع الرئيسية في الأجزاء المحرّرة من مدينة دير الزور عن الارتفاع، نتيجة استخدام القوارب في نقل البضائع، بعد تفجير "الجسر اليوغسلافي" أو جسر السياسية، الممرّ البرّي الوحيد للمدينة بين ضفتي نهر الفرات.
هناك فارقٌ كبيرٌ، يصل إلى الضعف، في أسعار معظم السلع بين أحياء المدينة المحرّرة وما يقابلها على الضفة الأخرى من النهر في بلدة حطلة، بالرغم من خضوعهما لسلطةٍ واحدةٍ هي سلطة تنظيم "الدولة الاسلامية". ويعتبر السكان أن فروق الأسعار هذه ناجمةٌ عن جشع التجّار الذين يستغلون الظروف لتحقيق أرباحٍ غير معقولة. وارتفعت أصوات الأهالي ضدّ هذا "الابتزاز"، بحسب ما يصفون سلوك التجار. وبالنظر إلى الإمكانات المادية لمعظم السكان، يلحظ انخفاضٌ كبيرٌ في معدّل الدخل، أو انعدامه لدى كثيرٍ من العائلات. يقول محمد، وهو مقاتلٌ من بعض تشكيلات الجيش الحرّ التي واصلت عملها في المدينة بعد سيطرة التنظيم، إن مبلغ 10 آلاف ليرةٍ، الذي يأخذه كراتبٍ كلّ شهرٍ، لا يغطّي مصاريف تدخينه: "أنا أدخّن حمراء طويلة. الباكية هون بـ250 ليرة، وبحطلة بـ100 أو 125. يعني الراتب ما يكفّي بسّ دخان". ويقارن ياسين، أحد سكان حيّ الحميدية، بين أسعار الخضار في المدينة وحطلة، ويشير إلى صعوبة أن يعبر كلّ يومٍ إلى الضفة الأخرى، بسبب ارتفاع تكلفة التنقل بالقارب، مما يلغي أيّ احتمالٍ للتوفير.
يؤمّن تنظيم "الدولة" عمليات نقل البضائع مجاناً للتجار بواسطة قوارب مخصّصةٍ لذلك، لكن الأجور المرتفعة لعمال التحميل والتفريغ على الضفتين، ومخاطر العبور خلال النهر، هي الأسباب الرئيسية لارتفاع الأسعار، بحسب ما يردّ معظم التجار على شكاوى السكان. يقول عبد الله، وهو تاجر مفرّق: "أجرة العامل الواحد 1000 ليرة عن كلّ سفينة، إضافةً إلى السرقات والضياع أثناء النقل، غير المخاطرة. مرّة انقلبت السفينة وراحت البضاعة كلها بالمي".
قبل سيطرة التنظيم، كان للمنظمات الإغاثية دورٌ كبيرٌ في مساعدة السكان وتخفيف آثار الغلاء. لكن توقف عمل معظم هذه المنظمات ترك آثاراً كارثيةً على حياة الكثيرين، وخاصّةً من يعتمد على هذه المنظمات بشكلٍ كامل. ولا يبدي قادة التنظيم ما يكفي من المسؤولية تجاه ظرفٍ هم المتسبّبون فيه؛ فقد أتاح الاحتكاك اليوميّ والمباشر لهؤلاء مع الأهالي جرأةً نسبيةً في طرح الشكاوى على بعض السلوكيات والمظاهر العامة، مثل ظاهرة الغلاء المضاعف بين المدينة وخارجها، دون أن تثمر هذه الشكاوى عن إجراءاتٍ فاعلة، إذ يتذرّع قادة التنظيم بعدم جواز تحديد الأسعار مسبقاً على التجار. مع رواج شائعاتٍ كثيرةٍ عن قرب افتتاح جمعيةٍ استهلاكيةٍ تبيع المواد والسلع بأسعارٍ مخفضةٍ ومدعومةٍ من قبل التنظيم، في محاولةٍ منه للتخفيف من حدّة الغلاء.