السوق الرئيسي في سرمدا - حلب نيوز
كما هو حال أغلب القرى والمناطق التي تعتمد على الزراعة في سوريا، تراجعت الزراعة في سرمدا مع بدء الثورة. ويُعزى ذلك إلى انخراط كثيرٍ من أهالي البلدة في الثورة ضد النظام، فضلاً عن غلاء سعر المحروقات، وغياب الجمعيات الفلاحية. لكن، ومع مرور الوقت، لم تتوقف الحياة الاقتصادية والخدمية في البلدة، وبدأت مرحلةٌ جديدةٌ فرضها الواقع وتغيّراته.
تجارة الجملة والسيارات والصيرفة
تحرّرت سرمدا في 19-7-2012، بعد سيطرة كتائب الثوّار على معبر باب الهوى الحدوديّ المقابل للبلدة. وبدأ السكان، منذ ذلك الحين، بالاعتماد على التجارة، مع توافد البضائع التركية القادمة من المعبر الذي زاد مرور الشاحنات التجارية من خلاله. ثم، وللمفارقة، أسهمت سيطرة تنظيم الدولة على مناطق ومعابر تل أبيض وجرابلس في إنعاش الحركة الاقتصادية في سرمدا. فمع إغلاق هذين المعبرين، اللذين كانا بوابة دخول الكثير من البضائع التجارية وشاحنات الإغاثة إلى سوريا، تحوّل النشاط إلى باب السلامة شمال حلب وباب الهوى، ما جعل سرمدا قبلةً يؤمّها التجار من المحافظات الأخرى لفتح محلات الجملة التي تُعنى -بشكلٍ أساسيٍّ- بالمواد الغذائية. كما تميّز سوقها الصغير بكثرة مكاتب الصرافة وتحويل الأموال، والتي تربو فيه عن 30 مكتباً، ضمن مسافةٍ لا تتجاوز 2 كم.
أبو أحمد تاجرٌ من مدينة الباب، استقرّ في البلدة لمتابعة عمله في سوق السيارات الذي وصفه بـ"السوق الأكبر في المناطق المحرّرة"، معللاً ذلك بنشاط بيع السيارات الأوروبية القادمة من تركيا. إذ تجيز قوانين الشراكة بين تركيا والاتحاد الأوربيّ بقاء السيارات الأوربية في الأراضي التركية لمدّة ثلاثة أشهر، ثم تباع في مدينة الريحانية التركية القريبة من معبر باب الهوى قبل موعد خروجها، ليشتريها التجّار السوريون ويدخلوها إلى سوريا عبر سرمدا بشكلٍ رئيسيٍّ. إلا أن أبو أحمد يشتكي الآن، مثل معظم تجّار السيارات في السوق، من تراجع نشاطهم في الشهور الماضية، بعد منع الجانب التركيّ السيارات الأوربية من العبور إلى سوريا. ولم ينسَ أبو أحمد أن يشير إلى افتقاد سوق سرمدا لتجار دير الزور بعد سيطرة تنظيم الدولة على مناطقهم.
سوق العقار ونشاط المجلس المحليّ الثوريّ
ساعد موقع سرمدا، القريب من الحدود والبعيد عن القصف ومناطق الاشتباك، على تحويل البلدة إلى قبلةٍ للنازحين، فضلاً عن التجّار الذين أقاموا فيها، فبرزت حركةٌ عمرانيةٌ تزامنت مع ارتفاع الطلب على العقارات. ويتحدّث المهندس أبو نزار، وهو صاحب مكتبٍ عقاريٍّ، عن غلاء أسعار العقارات قائلاً: "البلدة التي كان تعدداها لا يتجاوز 30 ألفاً تضمّ اليوم أكثر من 70 ألفاً. ويتراوح إيجار الشقة الصغيرة على أطراف البلدة بين 20 - 25 ألف ليرةٍ، بينما يصل إيجار الشقة القريبة من السوق إلى 60 ألف ليرةٍ شهرياً أحياناً. مما حرّض التجار على فتح مشاريع سكنيةٍ جديدةٍ، ليتراوح سعر الشقة وسط البلدة بين أربعة إلى تسعة ملايين، تبعاً للمساحة والموقع". ويرى أبو نزار أن للمجلس المحليّ الثوريّ تجربةٌ ناجحةٌ خلال الشهور الماضية، إذ دأب على توفير المازوت لمحطة المياه، كما قام بتركيب 80 فاصمة لمحوّلات الكهرباء، وإصلاح أعطال الشبكة، وأنشأ كتيبة مرور سرمدا، التي تعنى بتنظيم السير.
الحسبة ودار القضاء
انتهت المعارك بين جبهة ثوّار سوريا وجبهة النصرة بسيطرة الأخيرة على معظم مناطق ريف إدلب ومن ضمنها سرمدا. واليوم، لا يكاد يخلو شارعٌ في البلدة من اللافتات الدعوية الخاصّة بمركز دعاة الجهاد والإعلانات عن مسابقات تحفيظ القرآن والخيم الدعوية التي يشرف عليها المركز والنصرة. وقامت الأخيرة بإنشاء دار القضاء التي منعت المظاهر المسلحة، وإنشاء الحسبة التي أصدرت قراراً ملزماً بإغلاق المحلات أثناء صلاة الجمعة. وتقوم سيارة الحسبة بجولاتٍ في السوق أثناء صلاة الجماعة، لتطلب من الأهالي التوجّه الى المساجد دون معاقبة المخالف. وعند لقاء أحد عناصر الحسبة، الذي كنّى نفسه بأبي عبد الرحمن، أكّد "أن التوصيات الموجّهة إليهم من المكتب الدعويّ الخاصّ بالنصرة تقتضي عدم تعنيف الأهالي، والدعوة الى إقامة الصلاة في المساجد بالحكمة والموعظة الحسنة".