عواصف إعلامية في درعا لكن بلا حرب أو أمان

معبر نصيب الحدودي مع الأردن-عدسة علاء الفقير- خاص

منذ الانتهاء من العمليات العسكرية جنوب دمشق ثم السيطرة على ريف حمص الشمالي وأنظار النظام تتوجه إلى درعا، على الرّغم من وجود اتفاق خفض التصعيد الذي أُبرم في تموز العام الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن، والذي تمكنّت الولايات المتحدة من الحفاظ عليه بعيداً عن رسائل التهديد الروسية غير المباشرة بالتصعيد في الجنوب السوري وخروقات النظام المستمرة للاتفاقية. على أن تحركّات تجري على الأرض تشي بأن هناك أبعد مما خرجت به الدول من الاتفاق.

كثُر الحديث في الآونة الأخيرة حول بدء نظام الأسد التجهيز لعملية عسكرية في محافظة درعا جنوب سوريا، مع استمرار الدّعوات للمُصالحة عبر «لجان المصالحات»، وإلقاء مروحيات النظام لمناشير تُخيّر فيها الجيش الحر والسكّان بين المصالحة أو اللجوء إلى الخيار العسكري في حال الرفض. فيما اعتبرت المعارضة كل ذلك من ضمن حرب النظام الإعلامية للدفع باتجاه المصالحات لاغير.

وصلت العواصف الإعلامية والسياسية إلى تهديد إيران عبر سفيرها لدى الأردن، مجتبى فردوسي بور، فصائل المعارضة، بأنها في حال لم تستجب لاتفاق جديد مع النظام وروسيا، فقد تتعرّض لـ«تطهير في الجنوب»، بالإضافة إلى ما نشرته وسائل إعلام موالية للنظام من مقاطع مُصوّرة لتعزيزات عسكرية قالت إنها في طريقها إلى درعا للبدء بعمل عسكري ضخم، وهو ما نفاه قيادي بارز في الجيش الحر بدرعا في حديثه لمجلة عين المدينة، وأوضح أن المقاطع لمجموعات كانت مشاركة في معارك جنوب دمشق عادت إلى مواقعها في الفرقة التاسعة في الصنمين واللواء 112 في إزرع بعد الانتهاء من العمليات العسكرية هناك.

وعلى العكس من ذلك، أكد انسحاب مجموعات عسكرية مع عتادها الكامل تتبع ميليشيات حزب الله وإيران من درعا باتجاه ريف دمشق والبادية الشمالية، وتُقدّر أعدادها بنحو 130 عنصراً، إضافة إلى حلّ اللواء 313 في إزرع، في الوقت الذي أعلنت فيه فصائل عسكرية بريف درعا الغربي والقنيطرة اندماجها في تشكيل جديد تحت مسمى «جيش الإنقاذ».

بينما يتحدّث قائد المجلس العسكري لقوات شباب السنة، العقيد نسيم أبو عره، عن رصد انسحاب ثلاثة أرتال من بلدة خربة غزالة، الخاضعة لسيطرة قوات النظام، وتُعتبر مركزاً للميليشيات الإيرانية، باتجاه العاصمة دمشق، مُوضحاً في حديث لعين المدينة أن الرتل عبارة عن آليات عسكرية ومُعدّات هندسية تُقدّر بنحو 50 آلية. الانسحابات الأخيرة وحلّ اللواء 313 المدعوم من إيران يراها مراقبون أنها جاءت بعد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة، ومحاولة من النظام وروسيا لطمأنة الولايات المتحدة والأردن.

في المقابل جاءت ردود أفعال المعارضة لتُعبّر عن حالة يأس واستسلام، عبر تصريحات نائب رئيس الهيئة العليا للتفاوض خالد المحاميد، حول إعادة مؤسسات الدولة وبسط سيادتها على تراب سوريا وفتح معبر نصيب بوجود قوات روسية، ورغم ذلك أثارت التصريحات جدلاً واسعاً حول دور المحاميد في الجنوب السوري. فبيّنت مصادر عسكرية في درعا، أن المحاميد له تواصل محدود مع عدد قليل من فصائل الجبهة الجنوبية، كونه ينحدر من محافظة درعا وبصفته عضو الهيئة العليا للتفاوض، لكنه لا يملك التأثير على القرار العسكري لغرف العمليات رغم دوره بالدعم الإماراتي لبعض الفصائل. كما أن مفاوضات المحاميد المستمرة مع بعض فصائل الجبهة الجنوبية لإعادة فتح معبر نصيب لم تلق آذاناً صاغية، رغم استخدامه الأسلوب الروسي في الترغيب والترهيب أحياناً، فالمعبر لن يجري التفاوض عليه في المرحلة المقبلة، بحسب ذات المصادر.

أما الردّ الأمريكي فكان حازماً في لغته، فأصدرت الخارجية الأمريكية بياناً تحذيرياً أنها ستّتخذ «إجراءات حازمة ومناسبة»، ردّاً على أي انتهاك لوقف إطلاق النار، قائلة إنها تشعر بقلق بشأن تقارير أفادت بقرب وقوع عملية وشيكة لنظام الأسد في جنوب غربي سوريا، ضمن حدود منطقة خفض التصعيد التي تم التفاوض عليها بين الولايات المتحدة والأردن وروسيا في العام الماضي، وتمّ التأكيد عليها بين رئيسي الدولتين.

تحذيرات الولايات المتحدة دفعت النظام إلى طمأنة الجانب الأمريكي والإسرائيلي عبر تصريحات نقلتها وسائل إعلام روسية للقائم بأعمال سفارة النظام في الأردن أيمن علوش، تفيد بأن النظام ليس بحاجة لعملية عسكرية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية جنوب البلاد. وأضاف أنّه «حسب الاتفاق الموقع بين روسيا والأردن إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، فإنه يسمح ببقاء قوات المعارضة في مناطق خفض التصعيد في جنوب سورية».

لكن الولايات المتحدة حذّرت فصائل الجبهة الجنوبية كذلك، في وقت سابق، من أي عمل عسكري لتخفيف هجمة النظام على الغوطة الشرقية بريف دمشق. وجاء في رسالة تحذيرية «إذا بادرتم في عمل عسكري ينتهك خفض التصعيد لن نستطيع أن ندافع عنكم، وإن بادر النظام بانتهاك الاتفاق فسنفعل أقصى ما بوسعنا لوقف الانتهاك وضمان استمرار اتفاقية خفض التصعيد»، لكن ذلك لم يمنع فصائل الجبهة الجنوبية من التحضير لأي عملية طارئة على درعا، حيث تحدّثت مصادر عسكرية متعددة عن إنشاء غرف عمليات عسكرية في كل القطاعات للردّ على أي خرق أو هجوم من النظام.