عمار علاوي... قائد شبّيحة دير الزور الجديد: سرق أهل الريف كل شيء.. وتهدّمت بيوتكم يا أهل المدينة..

عمار علاوي في رحلة نهرية على الفرات

بعد فشله في تحقـــيق أي نجاحٍ ذي قيمةٍ في الملفــات الموكل بها، عمل نظام الأسد على عزل اللواء حــميدان العرسان، قائد ما يسمّى بجيش الدفاع الوطنيّ، وتعيين المهندس عمار علاوي بدلاً عنه.

بالمقارنة بين الرجلين يبدو علاوي أكثر أهميةً بكثير من العرسان، فالثاني مجرد ضابطٍ استعراضيٍّ رخيصٍ مثل كل ضباط الأسد، تمكن رشوته بخروفٍ أو "تنكة جبنٍ" أو جهاز هاتفٍ نقال، مع مزيجٍ من البلاهة والخسّة وعقد النقص تجاه أقرانه من الضباط العلويين. أما علاوي فهو أكثر تطوراً وذكاءً في فهم النظام الأسديّ بسلطاته ومراكز قواه المتعددة، تضاف إلى ذلك معرفته بخصائص مجتمع دير الزور وتناقضاته.

 سيرة لصٍّ ناجح

في العام 1966، وفي حي الحويقة بدير الزور، ولد عمار ابن الضابط وطبيب الأسنان عدنان علاوي، الذي تسلم إدارة المشفى العسكريّ، وعرف بفساده هو الآخر، مستفيداً من علاقاته المتينة بالعميد عبود قدح رئيس فرع المخابرات العسكرية بالمحافظة في ثمانينات القرن المنصرم. وكان المراهق عمار، الطالب في ثانوية الفرات، يتباهى بعلاقات والده تلك، وبإطلاق النار من مسدس أبيه في رحلات الصيد التي تعلق بها منذ ذلك التاريخ.
التحق عمّار بكلية الهندسة المدنية بجامعة دمشق وتخرج فيها عام 1989. ليعين في الشركة العامة للبناء ثم ليصبح مديراً لها في عام 1997. ولتظهر بعد ذلك مواهبه في السرقة، وخاصة لمواد الإسمنت وحديد البناء وسواها. وليترك الشركة مثقلة بالديون، منتقلاً إلى إدارة المشاريع الصناعية، ثم إلى مؤسسة المياه في العام 2003. وفي هذه المؤسسة عاش عمار عصره الذهبيّ، مستفيداً من زيادة الكتلة المالية المخصّصة للمحافظة من أموال الموازنة العامة للدولة، وصرف جزءٍ كبيرٍ من هذه الزيادة لبناء محطات مياهٍ جديدةٍ وكبرى لمدن دير الزور وقراها، وتجديد شبكة أنابيب مياه الشرب، ولمشاريع الصرف الصحيّ. وكانت حصّة علاوي مئات ملايين الليرات في كلّ مشروعٍ من هذه المشاريع إن نفذت، أو القيمة الاجمالية للعقد كله إن كانت واحدةً من أعمال الصيانة الصغيرة والوهمية التي لم تنفذ إلا على الورق. وبحسب مقرّبين منه، بلغت رشوةٌ واحدةٌ تلقاها من شركة محمد نحاس للأعمال الصناعية 400 مليون ليرة، مقابل تغاضيه عن مخالفة الشروط الفنية في مشاريع إنشاء محطتي عياش والميادين وغيرها من مشاريع تجديد وصيانة محطات التصفية التي نفذتها الشركة في المحافظة. وأثارت هذه الرشوة في حينه (2007) فضيحةً كبيرةً عُزل بعدها علاوي وتوارى عن الأنظار، وسجن بعض معاونيه، إلى أن تمّت تبرئته بحكمٍ قضائيٍّ من تهمة الفساد، وتغريمه بمبلغٍ بسيطٍ كعقوبةٍ على الإهمال فقط!

 من الحياد إلى قيادة الشبّيحة

    منذ اندلاع الثورة، حرص علاوي أن يأخذ موقف الحياد منتظراً ما تؤول إليه الأمور، ومنتقداً في الوقت ذاته أسلوب أجهزة الأمن الوحشيّ في تعاملها مع المتظاهرين. وتجنّب الظهور في مسيرات التأييد أو على تلفزيونات النظام. ليحسم أمره أخيراً ويقبل المنصب المعروض عليه كقائدٍ لشبيحة دير الزور، مبرراً ذلك لمعارفه وأصدقائه بالحرص على البلد كما يقول، وإيقاف الخراب الذي أصابها وشرّد أهلها. وفي الفيلا حيث يقيم، بجانب جامع الفتح بدير الزور، يستقبل علاوي معاونيه وبعض موظفيه السابقين ليحيك المؤامرات ويزرع الفتنة، بظهوره بمظهر المتألم على أحوال المدينة والمنقذ لأهلها المخدوعين - كما يقول – "بهذه الثورة التي خسروا فيها كل شيء، وأثرى غيرهم من سكان الريف بفضلها بسرقة النفط والغاز والآثار، ومن دون أن تُدمّر بيوتهم أو يُهجر أهلهم". ومتعهداً في رسائله لأبرز المطلوبين من أبناء المدينة بأنه كفيلٌ بتسوية أوضاعهم إن تركوا السلاح، مستشهداً بنجاحه في استدراج عشرين شخصاً من المطلوبين وتسوية أوضاعهم. ومن جانبٍ آخر يحاول علاوي أن يجمّل قباحات النظام بالإعلان عن نيته طرد جميع المجرمين واللصوص ومدمني المخدرات والكحول، الذين يشكلون أغلبيةً ساحقةً في ما يسمى بجيش الدفاع الوطنيّ، واستقدام عناصر أخرى من موظفيه وأتباعه السابقين في المؤسسات الحكومية التي عمل فيها.