- الرئيسية
- مقالات
- صياد المدينة
على من اعتمدت «قسد» محلياًنموذجان من دير الزور
في حمى زحف القوى المحلية والإقليمية، ومن خلفها الدولية أساساً، باتجاه دير الزور، تتكاثر الأجسام والأجهزة والمؤسسات، التي تقدم نفسها بوصفها تعبر عن المجتمع المحلي في المنطقة. كما تحاول، أو يحاول من خلفها، ملء الفراغ الذي سيخلفه تنظيم داعش.
ذلك ما عبرت عنه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في إطار استعداداتها لدخول دير الزور، مثلما فعلت قبلها في الرقة ومنبج. وفي كل منطقة تسيطر، أو تعتزم السيطرة عليها، قوات قسد فإنها تبدأ بتشكيل أجسام عسكرية ومدنية تضم عناصر من أبناء هذه المنطقة يعملون تحت مظلتها، ووجدت في دير الزور من يقبل بالعمل معها.
تقع تحت سيطرة قسد اليوم مساحات شاسعة آخذة بالتمدد شمال دير الزور، أو ما يعرف بأراضي الجزيرة، وهي تسعى وبعد أن سيطرت على معمل (كونيكو) للغاز أن تسيطر على حقول النفط الكبرى، في تنافس محموم مع قوات الأسد، التي تخطط هي الأخرى لذات الغاية.
في شهر كانون الأول من العام الماضي شكّلت قسد مجلس دير الزور العسكري، ولم يتجاوز عدد المنتسبين إليه آنذاك (300) مقاتل، تولى قيادتهم أحمد حامد الخبيل الملقب (أبو خولة). قبل الثورة مراراً اتُهم أبو خولة بجرائم سرقة، وبعد اندلاعها اتُهم بعمليات سلب ونهب للمؤسسات والمنشآت العامة. وما يزال هذا الاسم حاضراً في أذهان أبناء دير الزور وريفها الشمالي خاصة، كمثل عن الفوضى واللصوصية والانفلات. ينتمي أبو خولة، المنبوذ من غالبية أقاربه كما يقال، إلى عشيرة البكير فخذ (الكبيصة) غير أن هذا الانتماء لم يخفف من الرفض الواسع الذي يلقاه من أبناء العشيرة، حتى لمن أراد منهم العمل منهم مع «قسد» إذ آثر جهاد العساف، وهو أحد قادة الجيش الحر السابقين الانخراط في صفوف «قسد» بمعزل عن ابن عشيرته وقائد مجلسها العسكري في دير الزور أبو خولة.
ابتداء من صيف العام 2012 تزعم أبو خولة مجموعة مسلحة تقطع الطريق على المسافرين بين الحسكة ودير الزور، إضافة إلى «غزواته» على كل مبنى وموقع ومال عام تطاله يده، وإلى جانب عدّه لصاً، نُظِر إليه كعميل لأجهزة مخابرات النظام، يُتهَم بتقديمه خدمات هامة له، كان منها إنقاذه لضباط في اللواء (113) أثناء هروبهم من قبضة الجيش الحر، عند تحرير اللواء في العام 2013، ثم نقلهم إلى مناطق سيطرة النظام.
بايع الخبيل بعد ذلك جبهة النصرة حين صعودها، مع باقي مجموعته مواصلاً سيرته المعتادة، وقبل أن يفك ارتباطه بها، مع صعود داعش وسيطرتها على دير الزور منتصف العام التالي. تتضارب الروايات بشأن بيعته لداعش بين النفي والتأكيد، وفي كلا الحالتين لم يوقف أنشطته المفضلة بالسلب على الطرقات إلى أن سجنت داعش أخاه، ثم أعدمته في مدينة الميادين بتهمة السطو باسم «الدولة الإسلامية» ليهرب أبو خولة من فوره إلى تركيا قبل أن يرجع إلى مناطق سيطرة «قسد» وينضم إليها ويصير واحداً من شركائها الرئيسيين في دير الزور.
مؤخراً دأبت شخصيات أخرى من دير الزور على الظهور على قناة روناهي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (pyd)، بالتزامن مع التحضير لمؤتمر تأسيسي لـ«مجلس دير الزور المدني»، الذي عقدته «قسد» في الشهر الماضي في بلدة أبو خشب ببادية المحافظة الشمالية، ودعت له الرئاسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، في وقت سابق، التي يشغل فيها ديري آخر هو رياض درار منصب الرئيس المشترك، خلال هذا برز فجأة شخص يدعى الدكتور غسان اليوسف كعضو في اللجنة التحضيرية لمؤتمر المجلس المدني، قبل أن يصير رئيسيه المشترك. يتحدر اليوسف من مدينة دير الزور، ولم يعرف له أي نشاط أو حضور عام خلال السنوات السبع السابقة. وفوجئ عارفوه من أبناء دير الزور بلقب (الدكتور) الذي اتخذه اليوسف الذي لا يتعدى تعليمه الشهادة الثانوية, وتقف حدود خبراته عند اهتمامه بالمشاريع الزراعية في منطقة أبو خشب.
ما الذي يدفع بـ«قسد» إلى تبني أمثال اليوسف وأبو خولة، مع علم قادتها بسيرتهم السابقة، ونظرة مجتمع دير الزور نحوهم؟ ألا يذكرنا هذا بطريقة انتقاء حافظ الأسد لتابعيه؟