شابٌّ سوريٌّ في تركيا: واجبنا مسـاعدة السوريّين وحمايتهم من المسـتغلّين

حملت السنتان الماضيتان ظروفاً صعبةً لأغلب السوريين بفعل الحرب، لتبدأ رحلة التهجير اللا إراديّ واللجوء والسكن في البلدان المجاورة. ويتفق الكثيرون على أن أكثر الدول التي تعاونت مع السوريين هي تركيا، حتى نشأت تجمعاتٌ ضخمةٌ للوافدين إلى المدن التركية المتاخمة للحدود بسبب قربها. ويرى البعض أنّ الحرب ولّدت فئةً مستغلةً استخدمت حاجات الأهالي النازحين بغية تحقيق مصالح مادّيةٍ أو شخصيّة.

في تركيا... سوريون للمساعدة

خلقت الظروف الصعبة التي ألقت بآثارها على العائلات السورية ذات الدخل المحدود، الذين قدموا إلى الأراضي التركية لأول مرة، تجمعاتٍ عديدةٍ للسوريين يسهم أغلبها في مساعدة أبناء الوطن من خلال تأمين فرص العمل أو السكن أو تقديم المعونات المحتاجين، وإقامة الندوات الثقافيّة لتحسين صورة السوريّ في نظر المواطن التركيّ والعديد من النشاطات التي لمّت الشمل.
مهند، شابٌّ سوريٌّ انشقّ عن جيش النظام ثم ذهب إلى العمل في تركيا، يقول لـ"عين المدينة": منذ أن بدأت العمل في مدينة أضنة التركية وبالنظر إلى سفري المتكرّر بين سوريا وتركيا، كنت ألاحظ التعاون الشديد بين السوريون ما إن تجتاز الحدود التركية. أعتقد أنّ نسبة 90 % منهم مستعدّون للمساعدة، كلٌّ حسب طاقته وإمكانيته". ويردف مهند: "بعد أسبوعٍ سأكمل الأربعة أشهر وأنا أعمل في تركيا. وقد قمت بمساعدة أكثر من 20 شابٍّ في إيجاد عملٍ لهم. ونحن نقطن الآن في بيتٍ استأجره صاحب المعمل، وسعيدون جداً لأننا بجانب بعض، رغم الظروف الأخرى".
ويرى مطّلعون أن التسهيلات التي تقدمها الحكومة التركية للسوريين قد ساعدت كثيراً في إيجاد متنفسٍّ للعاطلين عن العمل، أو الذين فقدوا عملهم بسبب الظروف الحاليّة ولديهم التزاماتٌ تفرض عليهم العمل.

مواقع على الإنترنت تسهم بالمساعدة

كانت هذه البادرة مجرد أفكارٍ فرديةٍ في بادئ الأمر، إذ قام العديد من الشباب السوريين بإنشاء صفحاتٍ على مواقع التواصل الاجتماعي بغية تلبية احتياجات السوريين ومساعدتهم بأي شكلٍ من الأشكال، حسب معرفة كل عضوٍ في الصفحة.
وللحديث عن الموضوع بشكلٍ أوضح التقينا بالشاب محمود بيطار، مدير حوالي 10 صفحاتٍ لتواصل السوريين عبر موقع الفيسبوك، يتابعها أكثر من 70 ألف شخص. يقول محمود لـ"عين المدينة": "كان سبب إنشائي لهذه الصفحات هو مساعدة الغير، دون أيّ مقابل، في تأمين فرص العمل أو منازل للإيجار، والإجابة عن استفسارات الوافدين الجدد إلى تركيا، بالإضافة إلى أنها نقطة تواصلٍ فيما بيننا نحن السوريون". ويضيف البيطار: "منذ أن أسّست هذه الصفحات، وبمجهود أصدقائي الآخرين، تمكنّا من تأمين فرص عملٍ لأكثر من 2000 شابٍّ سوريٍّ في مناطق مختلفةٍ من تركيا".

محتالون أصبحوا في تركيا

ولعل أهم المشاكل التي يعانيها السوريّ في البلاد التركية هي صعوبة التواصل لاختلاف اللغة، مما جعل بعضهم يستغلّ هذه النقطة عبر إجادته للتركية، أو معرفته بجغرافية المدن وأماكن العمل أو التسوّق. وأدّى هذا إلى انتشار فئةٍ مستغلّةٍ غرضها جمع المال بأيّة طريقةٍ كانت، وتلجأ هذه الفئة إلى العائلات والشباب الجاهلين بالوضع المعيشيّ في تركيا، كونها الطبقة الأسهل للنصب عليها.
وعن الوسائل التي استعملها بعض الشباب في محاربة أمثال هذه الفئة يقول محمود: "لقد أنشأنا صفحةً بعنوان (فضائح المحتالين والنصّابين في تركيا). ونقوم في هذه الصفحة بفضح أعمال المستغلين الذين تصل إلينا أخبارهم من قبل من تعامل معهم وكان ضحية احتيالهم".
وعن إحدى القصص التي حدثت مع محمود يقول: "بالأمس التقيت بمجموعةٍ من الشباب الذين أتوا إلى إسطنبول بغية العمل، بعد أن وعدهم أحد السوريين هناك بتأمين السكن لهم. وبعدما رآهم المسؤول عن السكن قال: (أنا هيك شكيلات ما بسكّن عندي)، ليصبح حال الشبان الخمسة سيئاً جداً ويبدأوا بالترجّي. وقد رافقتهم إلى أحد الشباب الذي استقبلهم في بيته دون مقابل".
في النهاية، يرى الجميع أن الحرب لا بدّ أن تنتهي، وسيعود أغلب السوريين إلى مدنهم وبيوتهم. ولكن ما يشدّد عليه البعض هو أن من استغلّ الأزمة في الأراضي التركية لا بدّ أن يحاسب في سوريا المستقبل.