ريف حلب تنظيم الدولة يفرض غراماتٍ ماليّةً على المدارس

 بينما تقوم طائرات التحالف بضرب مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" في كلٍّ من الرقة ودير الزور، يواصل قياديو التنظيم في عددٍ من المناطق الخاضعة لسيطرتهم إصدار قوانين جديدةٍ تأخذ شكل القرارات الجبرية على السكان، ودون أيّ سببٍ منطقيٍّ لإصدار مثل هذه القوانين.

ينهار الواقع التعليميّ في ريف حلب شيئاً فشيئاً، وخاصّة بعد القرارات التي فرضها التنظيم على الطلبة والمدرّسين على حدٍّ سواء، وبما يخالف الأهداف العليا للعملية التعليمية ويوافق فقط مصالح التنظيم ورؤيته للمجتمع والحياة. ففي منبج أصدر تنظيم الدولة جملة قراراتٍ تتعلق بالمنهاج المدرسيّ، كان أوّلها إلغاء مادة التربية الإسلامية وتدريس مادة التربية الجهادية عوضاً عنها، بسبب أن نظام الأسد هو من وضع المادة الملغاة. وألغيت كذلك مادتا الفلسفة والتاريخ من المناهج المدرسية، إذ اعتبرت الفلسفة موضوعاً يعارض الدين بحسب التنظيم، وألغي مقرّر التاريخ مؤقتاً ريثما يضع مسؤولو التنظيم منهاجاً بديلاً. وألغي كذلك تعليم اللغة الإنكليزية في السنوات التعليمية الأربع الأولى. وتضاف إلى قائمة المواد الملغاة هذه موادّ التربية الموسيقية والفنية والرياضية.
وقد أكّد هذه القرارات العديد من الشباب في منبج. وقال أحدهم لـ"عين المدينة": "لقد وزّعوا على المدارس نسخةً عن القرار الذي حمل جملة التعليمات الأخيرة. وبالإضافة إلى ذلك حرموا الأساتذة، ممن لم يخضعوا لدورةٍ شرعيّةٍ، أن يستمرّوا في التدريس في مدارسهم".
في المقابل تمّ فرض رسمٍ قدره 1000 ل.س على كلّ طالبٍ يودّ مواصلة دراسته، وذلك من الصفّ الأوّل وحتّى الثالث الثانويّ، حسب إفادات أحد مدراء المدارس في منبج. ولم تقتصر القرارات المالية على الطلبة، بل تعدّتهم إلى المدارس الخاصّة، التي فرض التنظيم عليها ضريبةً مقدارها 50% من الواردات المالية لكلّ مدرسةٍ خاصّةٍ أو روضة، ممّا أثار استياءً كبيراً لدى السكان.
يقول عمّار، وهو شابٌّ من مدينة منبج: "ما هذه القرارات التي ألغت إلزاميّة التعليم ومجانيته، ونشرت الفوضى في الكثير من المدارس؟ كأنهم يريدون أن يبقوا على جهل الأمّة من أجل تسييرها كما يريدون".
وقبل إصدار هذه القرارات كان التنظيم قد فرض على المدرّسين والمدرّسات الخضوع لدوراتٍ شرعيّةٍ أشرف عليها مسؤولون عن سلك التربية في التنظيم. ففي الشهر السادس من هذا العام تمّ إخضاع المدرّسين لامتحانٍ أخيرٍ لنيل الشهادة التي تؤهّلهم لمتابعة التدريس في مدارسهم، في حين تقدّم المدرّسون، الذين رسبوا في هذه الامتحانات، لدورةٍ تكميليةٍ جاءت بعد شهرٍ من الأولى.
وعــــرض تنظــــــــيم "الدولــــــــة الإسلامية"، في منابره الاعلامية على مواقع التواصل الاجتماعيّ، صوراً قال إنها تعود للدورة التكميليّة التي انتهىالمدرّسون منها مؤخراً، وقدّموا فيها امتحانهم المتعلّق بكتابٍ في أحكام التجويد، وآخر عن مهمّات المسائل للموحّد والمقاتل، وثالثٍ في الفقه الإسلاميّ.
ويبدو أنّ الإقبال على المـــدارس ضعيفٌ هذه السنة، بسبب تضييق مسؤولي التعليم لدى التنظيم على الطلبة والمدرّسين، ممّا أدّى إلى انتقال بعض المدارس الخاصّة للعمل في مدن تركيّا. فقد قالت الآنسة (م، ن) لـ"عين المدينة": "كان الإقبال على المدارس في منبج قليلاً جدّاً هذا العام. سمعتُ عن كثيرٍ من العائلات التي نزحت من المدينة وأخرجت أبناءها من المدارس. وهناك كثيرون من الطلبة من منبج يكملون دراستهم في حلب أو في المدارس السوريّة المنتشرة في تركيّا".
وتضيف: "تأتينـــــا امرأةٌ، مع مرافقـــــاتٍ لها، كلّ مدّةٍ، من أجل أن تراقب الطلاب والطالبات ومدى التقيّد باللباس الشـــــرعيّ، والتزام المدرّســـــين والمدرّسات بالتعليمات الصادرة عن التنظيم".
في المقابل، أفاد مصــــدرٌ خاصٌّ لـ"عين المدينة" أنّ المســـؤول عن ديوان التعليم لدى التنظيم في منبج هو أبو مجاهد، وكان يعمل سابقاً في مديريّة التربيــــة بحلب كمسؤولٍ عن المستخدمين.
ويحذّر كثيرون أنّ هذه السنة ستكون الأسوأ على الطلبة والمدرّسين في مناطق التنظيم، بسبب إلغاء بعض الموادّ، ومنع الدورات التعليميّة إلا في حالاتٍ خاصّة، وأخيراً فرض الغرامـــــات الماليّة على الطلبة.