دي ميستورا يرى الأسد جزءاً من الحلّ وأمريكا تنفي التنسيق معه

لم يكن مستغرباً من مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أن يصرّح عقب لقاءاته في دمشق مع قيادة النظام، بأن الأسد جزءٌ من الحلّ في سوريا، التصريح الذي خالف بموجبه مجمل الدعوات التي وجّهتها الدول الكبرى الأعضاء في الأمم المتحدة، والتي نفت أن يكون الأسد جزءاً من الحلّ، عبر أربع سنواتٍ من الأحداث في سوريا، بل وكرّرت معظم هذه الدول، ومنها الولايات المتحدة، ضرورة استبعاد الأسد من أيّ حلٍّ في المستقبل.
وجاءت تصريحات دي ميستورا عقب لقائه مع زير الخارجية النمساويّ، سيباستيان كورتس، الذي قال من جانبه إن الأسد لن يصبح "يوماً صديقاً ولا شريكاً". ولم يختلف تصريح دي ميستورا الأخير مع ما قاله قبل زيارته لدمشق، وعقب مؤتمر ميونخ للأمن، عندما وجد أن سعي الأمم المتحدة إلى تجميد القتال في حلب يواجه صعوباتٍ كبيرةً، أهمّها انعدام الثقة بين الأطراف السورية المتنازعة، لتكون مبادرات السلام في البلاد، بذلك، متوقفةً على تأمين الثقة بين الأطراف، وفق المبعوث الدوليّ. ولم يلقَ ما قاله دي ميتسورا رضاً أمريكياً، فجاء رد الخارجية الأمريكية سريعاً على لسان الناطقة باسمها جنيفر بساكي: "موقف الولايات المتحدة لم يتغيّر؛ الأسد فقد الشرعية ويجب أن يرحل عن السلطة". ‬

ألمانيا.. خطاب التقرّب من روسيا

لم تقل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ما قاله دي ميستورا بشكلٍ مباشرٍ، إلا أنها لمّحت إلى إمكانية تعاونٍ غير مباشرٍ مع الأسد، وذلك عقب اجتماعها مع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، حين وجدت أن النظر إلى تعقيدات الأمور في سوريا يجبر على ضرورة التعاون مع روسيا وتفهّم وجهة نظرها، نظراً للعمليات التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وقالت ميركل إنها لم تقتنع في السابق أبداً بالحديث حول إصلاح نظام الأسد، لكنها تثمّن الموقف الروسيّ والسعي إلى حلّ الأزمة حالياً، خاصة وأن روسيا أبلت بلاءً حسناً في قضية تسليم السلاح الكيمياويّ من قبل نظام الأسد، وفق المستشارة.
وقد لا يكون موقف ميركل المعلن هذا مقتصراً عليها، فمن المتوقع أن تتبعه مواقف أخرى من دولٍ كانت سبّاقةً في المطالبة بتدخلٍ دوليٍّ لإزالة نظام الأسد، لأن المخاوف الغربية تزداد يوماً بعد يومٍ من انتشار التطرّف في سوريا، والذي لا يقتصر على داعش، إنما بات الشمال السوري مهيّأً لقيام حكمٍ ذاتيٍّ بقيادة جبهة النصرة (تنظيم القاعدة) وفق وسائل إعلامٍ غربيةٍ. كما أن أعداد الجهاديين الذين يتوافدون إلى سوريا من دولٍ أوروبيةٍ في تزايدٍ كبيرٍ، وهو ما ينبئ بازدياد قوّة المتشدّدين، خاصةً وأن التحالف الدوليّ لم يستطع حتى الآن تقديم ما كان مأمولاً منه غربياً.

خطاب الوهم

وأمام صــــورةٍ بدت مشـــرقةً بالنسـبة إلى رئيــس النظام بشار الأسـد، الذي يجد نوعاً من الالتفـــاف الدوليّ حول أولويـــــة الحــرب ضد داعش، وغضّ النظــــر عما يقوم به هو تجاه بقية المناطق، كان له أن يعبّر عن خيالاته في لقاءٍ مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، نافياً مجمل الحقائق التي أثبتتها الوثائق والتقارير الأممية التي تصدر بشكلٍ دوريٍّ، فلا براميل يستخدمها نظامه، ولا سلاحاً كيمياوياً تمّ استعماله في السابق، كما أن هناك تنسيقاً بينه وبين التحالف الدوليّ ضدّ داعش عن طريق الوسيط العراقي.
إلا أن المبالغات التي قدّمها الأســد لم تكن لتمرّ على الأطراف الدولية. والتغاضي الواضح الذي يمارسه الغرب تجاه سياسته لا يعني أن يستفيض بما يشاء من القول، وفق وجهة نظرٍ غربيةٍ أكًدها ردّ الخارجية الأمريكية التي نفت أيّ تنسيقٍ مع نظام الأسد بخصوص الهجمات ضد داعش، في حين ردّ وزيرٌ بريطانيٌّ بالقول إن الأسد واهمٌ فيما يقول.