- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
خيول دير الزورلقمة غير سائغة في فم تنظيم الدولة الإسلامية
يتابع أصحاب الخيول في دير الزور أخبار أحصنتهم باهتمام بالغ وهم خارج أراضيها، بينما يراقبها قسم منهم فيها رغم كل الظروف السيئة ومحاولات عناصر محلية في تنظيم الدولة الإسلامية الضغط عليهم لترك ثرواتهم تلك، في محافظة لم تعد تحمل السمعة التي كانت لها بتربية الخيول وتصديرها، لكنها ما زالت خزاناً عريقاً للخيول العربية الأصيلة.
في إحصاء لمديرية مكتب الخيول العربية الأصيلة في وزارة الزراعة التابعة للنظام، يعود إلى الشهر الأخير من عام 2015، حصلت «عين المدينة» على نسخة منه، يبلغ عدد الخيول في دير الزور 213 من أصل 6182 حصاناً في كامل الأرض السورية، لتقع المحافظة في المرتبة السابعة من حيث العدد بعد ريف دمشق والحسكة وحمص وحماة وحلب ودرعا. وبذلك قد يفاجأ أهالي الدير لأن منطقتهم لم تعد ذلك السوق الذي وصفته الرحالة الليدي آن بلنت، منذ قرابة القرن والنصف، بأنه «أفضل سوق لشراء الخيل الأصيلة في كل القارة الآسيوية»، لكنها ما زالت تحتفظ بسلالات تعود إلى مئتي سنة، كالمعنگي السبيلي وحمدانيات ابن غراب وصگلاويات الدندل. ويعتقد طبيب بيطري مختص بالخيول من مدينة دير الزور أن العدد الإجمالي للخيول التي تعود للمحافظة اليوم يصل إلى 500 حصاناً، في ظل وجود ولادات جديدة وخيول منقولة لم يسجلها الإحصاء المذكور، بسبب سيطرة تنظيم الدولة.
لم تسجل سنوات الثورة أي حالة سرقة للخيول في دير الزور، رغم بعد بعض أصحابها عنها، وقد ساعدت في ذلك العلاقات الاجتماعية التي جمعتهم بالفصائل، إضافة إلى الكثير من التعقيدات والحسابات التي خضعت لها القوى الفاعلة وقتها، لكن تلك الفترة سجلت نفوق بعض الخيول بسبب القصف. وأضافت الثورة إلى تربيتها جهات متطوعة، يجمع بين أفرادها حب الخيل، عملت على تقديم الرعاية، بحسب مهندس زراعي من المدينة. وتعود مزارع الخيول، حتى تلك الفترة، لأفراد من عوائل ذات مكانة اجتماعية عالية، تضم وجهاء وشيوخ وأثرياء، يبدو امتلاكهم للخيل أمارة على الأصالة والنبل، ويتداخل في ذلك التراث عامل ديني مهم يرتبط (بجلب البركة والعز) لأصحابها، بحسب اعتقاد شائع. ويذكر شهود عيان أن تنظيم الدولة كان قد صادر خيولاً من قرى الشعيطات بعد المجزرة التي ارتكبها في حق العشيرة، فضلاً عن الاستيلاء على كامل مزارع الخيول التي تعود ملكيتها لأهالي مدينة دير الزور عند تمدده. لكن، على رغم ذلك، بقيت خيول لدى آخرين منهم أفراد من الشعيطات حتى الآن. وتضم المحافظة اليوم، بحسب تقديرات، أكثر من 1500 حصاناً، هي مجموع ما يملكه الأهالي مضافاً إليه ما صادره التنظيم من حماة ودرعا وحلب وريف دمشق وغيرها. ويستعمل عناصر في التنظيم الخيول للاقتناء الشخصي، في دلالة على تسلق أعلى درجات السلم الاجتماعي في المنطقة. وبحسب البعض يستخدم عناصر في أجهزة التنظيم الخيول لمطاردة المخالفين في الحيالات (الأراضي بين بيوت القرى).
يفيد المهندس الزراعي أن خيولاً مسروقة من دير الزور بيعت في تركيا والعراق، لكن مربين ومهتمين يبدون مطمئنين إلى أن بيع الخيول يحتاج إلى عقود رسمية، وفراغ ذمة من صاحبها الأساسي، يخشى غالبية الزبائن الشراء دونه، عدا عن معرفتهم بأصحاب الخيول الأصليين، وتقل مخاوف المربين خاصة بعد اقتراب إغلاق الحدود على التنظيم في سوريا، لكن يخرق هذه القاعدة مشترون ينتمون إلى تنظيم الدولة أو مقربون منه. على أن أصحاب الخيول المصادرة من قبله يخشون، كمعظم سكان المناطق التي يسيطر عليها، حتى بعد خروجهم منها، إشهار الأمر أو الكلام عنه، خوفاً على مصير ثرواتهم من انتقام التنظيم في حال عرف قادته المعنيون بذلك.
يذكر أن التنظيم حاول، كعادته، استثمار تلك الموارد في تدعيم صورته أمام متابعيه في الخارج، فصور إعلاميوه تقريراً حول سباقات للخيل أقامها في بادية البوكمال التابعة لـ«ولاية الفرات»، في محاولة لاستلهام سباقات الخيل المحلية التي كانت تقام دورياً لتدريب الخيل، بالإضافة إلى نشره أكثر من تقرير مصور حول تربية الخيول في الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق.