شارع الوادي | صفحة " أخبار شباب الثورة في حي الجورة"
حصـــار حيّي الجـــورة والقــصور...
بين الضرورات الإنسانيّة والعسكريّة
لا يبدو أن للحروب قواعد سلوكٍ متفقٌ عليها. فما يقوم به البعض من تشديد الخناق على قوات النظام، التي تحتلّ أجزاءً من المدن السورية، يرى فيه البعض الآخر جريمةً إنسانية، عندما يطال المدنيين الذين ما زالوا يقطنون هذه المدن أو الأحياء، بالتجويع.
في سياق المعارك الهادفة لتحرير مدينة دير الزور، قامت مجموعةٌ من الفصائل المسلحة بتحرير منطقة الشولا. ونتيجةً لذلك تمّت السيطرة على طريق الإمداد البرّي لقوات النظام. وقامت هذه الفصائل بقطع الطريق أمام أية شحنةٍ قادمةٍ باتجاه حيّي القصور والجورة، حيث توجد عشرات الآلاف من عوائل المدينة. وأدّى قطع هذا الطريق، الذي يصل دير الزور بدمشق، إلى فقدان مادة الطحين في تلك الأحياء دون أي مبرّرٍ حقيقي. والذريعة هي حصار قوات النظام، علماً أن طريق دير الزور حلب مفتوح، وهو يصل المدينة بالريف الغربيّ، لكن مادة الطحين لا يمكن أن تصل إلا من طريق دمشق. وسبّب فقدان مادة الخبز أزمةً إنسانيةً كبيرة، فالمخابز توقفت عن العمل، باستثناء فرن الكرامة الذي يقوم بالخبز لصالح الجيش والشبيحة، ويمنع الأهالي من الاستفادة من إنتاجه.
وللوقوف على حقيقة ما يجري قمنــــــا بإجــــــراء الــــلقـــــاءات التالـــــية:
فقال أبو محمود، وهو معيلٌ لعائلتين، ونازحٌ يقيم في حيّ الجورة: بدأت الأزمة بعد تحرير منطقة الشولا، إذ استهلكت الأفران الأهلية مدّخراتها من الطحين، وتوقفت عن العمل بعد فقدان المادة... كنت أشتري خبزاً بمئة ليرة سورية يومياً، والآن عليّ أن أذهب في رحلةٍ طويلةٍ من حيّ الجورة إلى معبر النهر، إلى الضفة الثانية، إلى الطريق العام في منطقة الجنينة، لكي أشتري الخبز. وتكلفني هذه الرحلة ـ ما عدا ثمن الخبز ـ 400 ليرة سورية. وعليّ أن أذهب كل ثلاثة أيام مرّة، فالمخبز في الريف لا يسمح بشراء كمياتٍ كبيرة.
أما أم محمد، وهي من سكان حي الجورة، وتعيل أسرتها براتب زوجها المتوفى، فتقول بغضب: لماذا يقطعون الطريق أمام الطحين؟! لم يحاصروا سوى الفقراء، فالنظام لديه الطيران الذي يغنيه عن الطرقات البرّية. وكما ترى؛ إنهم يوزّعون الخبـــــز على العســـــاكر وجيــــــــــــــش الــــــــدفــــــاع الوطــــــــــــني، ويقومـــــون بإهانتنا عند الاقتراب من الفرن طلباً للخبز، ويقولون لنا: "تستاهلو. خلّو الجيش الكرّ يجيب لكم خبز". إذا كان هناك من عملٍ فليدخلوا لتحريرنا، لا أن يقوموا بمحاصرتنا.
في حين يقول حسان، وهو صاحب مخبزٍ في ريف المدينة: كان يرتاد مخبزي سكان قرى الريف الغربي جزيرة، أما الآن فقد ازداد العدد أضعافاً، مما سبّب أزمةً كبيرة. ومخبزي، والمخابز الأخرى، لا تكفي حاجة الأهالي. وسيسبّب هذا الضغط على المخابز شحّاً في مادة الخبز. وستتعدّى المشكلة حيّي الجورة والقصور.
وعند سؤال أبو الحارث، عضو الهيئة الشرعية في المدينة، أجاب: من الناحية الشرعية إذا كان قطع الطريق بسبب عملٍ عسكريٍّ فذلك جائزٌ في ظروفنا الحالية. أما إذا كان الهدف محاصرة الأهالي فإنه أمرٌ عبثي.... الوضع صعب؛ فأنا أرى البعض من الأهالي في المدينة يبيت ليله مفتقراً إلى رغيف الخبز. وأتمنى أن يحلّ هذا الموضوع بسرعةٍ كبيرة.
أما أبو زين، وهو ناشطٌ إغاثيّ، فوصف الحصار بالإجرام الكبير. وأضاف أنه تكرارٌ لممارسات النظام في المعضّمية. ورأى أنه على كافة الأطراف المعنية وقف هذه المهزلة.
يوجد في منطقتي الجورة والقصور أكثر من خمسين ألف عائلة، حسب إحصاءات منظمة الهلال الأحمر. يحتاج الأهالي في هذين الحيّين إلى ما يقارب 25 طن من الطحين يومياً. يذكر أن الفصائل المحاصرة أوقفت أكثر من مرةٍ، بعد قطع الطريق، شحناتٍ محمّلةً بالمشروبات الكحولية والمواد المخدّرة، كانت قادمةً لقوّات النظام.