حرّاق نفط دير الزور الجديد، عصام زهر الدين يفتتح صناعة نفطٍ عشــــوائيّةً في حقـل المهــاش

أقدم نظام الأسد على خطوةٍ غريبةٍ في الأجزاء الخاضعة لسيطرته من دير الزور، تمثلت بتشغيله لمصافي نفطٍ بدائيةٍ "حرّاقات" في محيط حقل المهاش النفطيّ 7- كم جنوب غرب المدينة- بالتزامن مع تشغيل بعض الآبار في هذا الحقل.

ولجأ النظام إلى هذه الخطوة بعد عجزه عن تأمين المحروقات اللازمة لعمل قطّاعاتٍ حيويةٍ في أجزاء المدينة الخاضعة لسيطرته، في ظلّ الحصار الخانق الذي يفرضه تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ شهرين على هذه الأحياء، مما حرم النظام وأجهزته الحكومية من الاستفادة من المشتقات النفطية المنتجة في الريف الخاضع لسيطرة التنظيم، وأدّى إلى أزماتٍ خانقةٍ عانى منها السكان في أحياء الجورة والقصور وهرابش، البالغ عددهم قرابة 300 ألف نسمة، نتيجة توقف العمل نهائياً في جميع أفران الخبز في تلك الأحياء، وندرة المواد الغذائية.
وذكر موظفون حكوميون أن ورشاتٍ تابعةً لشركة سادكوب الرسمية، ترافقها سياراتٌ تابعةٌ لقائد الحرس الجمهوريّ بدير الزور، عصام زهر الدين، عملت خلال الأسبوعين الفائتين على إنشاء 13 مصفاةً صغيرةً، أو ما يعرف بالحرّاقة، في الأماكن الأكثر بعداً عن خطوط التماسّ من محيط حقل مهاش النفطيّ. في حين عمل مهنيّون على تشغيل بعض آبار ذلك الحقل تشغيلاً جزئياً، وبطريقة تقترب من الطرق العشوائية الشائعة في الحقول الخارجة عن سيطرة النظام، وبمعدل إنتاجٍ يتجاوز 200 برميلٍ يومياً من النفط الخام الذي ينقل مباشرةً إلى حرّاقات النظام المستحدثة، التي تعمل وفق مبدأ إشعال النار تحت خزانات الخام و"غليه" إلى درجات الحرارة التي تنفصل معها مكوّنات النفط، وبمردود (70% مازوت + 10% كاز + 20% مخلفات تستخدم لحرق الطبخات الجديدة من الخام).
تعدّ آبار حقل المهاش آباراً شديدة الخطورة، نظراً لاحتواء النفط المستخرج منها على معدّلاتٍ غير مقبولةٍ من غاز كبريت الهيدروجين H2S وبنسبة (36) PPM، في حين لا تتجاوز النسب المسموح بها في أعمال النفط (10-15) PPM. ويعدّ هذا الغاز شديد السمّية نظراً لآثاره القاتلة للبيئات الحية وتأثيراته الخطرة على الجهازين العصبيّ والتنفسيّ للإنسان. وكان حقل المهاش، في سنوات ما قبل الثورة، مثار جدلٍ كبيرٍ في الأوساط الصحية في مدينة دير الزور. ورُفعت دعاوى قضائيةٌ بحقّ الشركة السورية للنفط المشغلة له، التي ورثته عن شركةٍ فرنسيةٍ أوقفت عملها فيه لانخفاض جودة الخام المستخرج منه، قبل عشر سنواتٍ. ويضاعف من المخاطر البيئية والصحية لإعادة تشغيل بعض آبار هذا الحقل وقوعه على مسافةٍ قريبةٍ جداً (3 كم) من مشفى "الأسد"، المشفى الوحيد في الجزء الخاضع لسيطرة النظام بدير الزور، وقربه من الأحياء السكنية في الجورة والقصور.
وجد نظام الأسد في "صناعته" النفطية هذه منفذاً للتملص من تقديم جزءٍ من مخصّصات قوّاته من المشتقات النفطية، المنقولة جواً، لمساعدة المدنيين الواقعين تحت سلطته.