- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
بين الهروب والانتحار .... شهاداتٌ عن جحيم حياة "السبايا" في "ولاية الخير"
طلقةٌ واحدةٌ من مسدسٍ كاتمٍ للصوت كانت كفيلةً بإنهاء حياة شيفين، "السبيّة" الإيزيدية في إحدى قرى الريف الشرقيّ لدير الزور، بعد أن أقدمت، لمرّاتٍ عديدةٍ، على محاولاتٍ فاشلةٍ للانتحار. إلى أن استطاعت الحصول على المسدس بعد مغافلة أم دلامة، صاحبة المنزل الذي شهد انتحار الفتاة ذات العشرين عاماً.
كانت شيفين قد وصلت إلى منزل أبو دلامة التونسيّ، أحد مسؤولي الدورات الشرعية في المنطقة، كأعطيةٍ من "والي ولاية الخير"، مكافأةً له على جهوده، ليقوم أبو دلامة بدعوتها إلى الدين الإسلاميّ "فاستجابت"، لتصبح بذلك زوجته الثانية. لكنها أقدمت على الانتحار بعد شهرين من إقامتها في منزله، لتغسّل وتكفّن ويصلى على جثمانها وتدفن في مقبرة القرية، حسب روايات أهالي المنطقة.
لا يعدّ انتحار شيفين الحادثة الأولى التي شهدتها "الولاية" مؤخراً. ففي مدينة الميادين أقدمت "سبيّةٌ" أخرى، قيل إنها من منطقة كسب وتبلغ من العمر ثلاثين عاماً، على الانتحار بقطع وريدها بسكين مطبخ، بعد أن قُدّمت هي الأخرى كهديةٍ لأحد القادة العسكريين في التنظيم كمكافأة، ليقوم لاحقاً ببيعها بمبلغ 1000 دولارٍ لأحد عناصر التنظيم، يدعى أبو أسامة الليبيّ، الذي سجنها في غرفةٍ لمدّة ثلاثةً أشهرٍ بعد أن حاولت الهروب لمرّاتٍ عديدةٍ، لتقدم في النهاية على الانتحار.
ينظر تنظيم داعش إلى "السبايا" كجزءٍ من غنائم الحرب، توزّع من قبل الولاة على العناصر كأعطياتٍ وهدايا، ويحقّ لمالكها التصرّف إما بتركها على وضعها كسبيةٍ أو بدعوتها إلى الإسلام والزواج منها بشكلٍ شرعيٍّ أو بيعها بالسعر الذي يريد لأحد عناصر داعش حصراً. وبحسب مصادر مقرّبةٍ من التنظيم يتراوح "سعر السبيّة" بين 500 إلى 2000 دولار، تبعاً لعمرها وجمالها. ويعدّ قادة التنظيم العسكريين الأكثر ميلاً إلى الاحتفاظ بالسبايا، وشوهدت لديهم حالات تعدّد سبايا مترافقةٌ مع تعدّدٍ للزوجات. فقد أفادت روايات شهودٍ في إحدى القرى الريف الشرقيّ لدير الزور عن وجود ثلاثة سبايا، بالإضافة إلى أربع زوجاتٍ، لدى أبو عتبة العراقيّ أحد قادة التنظيم العسكريين، وكذلك الحال مع أبو رحمة العراقيّ، الذي يمتلك شقتين خصّص إحداهما لزوجاته الثلاث فيما تسكن السبايا في الشقة الأخرى.
وكان التنظيم قد أعلن في وقتٍ سابقٍ، في مدينة الشدادي التابعة لمحافظة الحسكة، عن مسابقةٍ لحفظ سورٍ محدّدةٍ من القرآن الكريم خلال شهر رمضان، تقدّم فيها السبايا كجوائز للفائزين الثلاثة الأوائل، في حين يمنح باقي الفائزين العشرة مبالغ تتراوح من 50 إلى 100 ألف ليرةٍ سورية. ولهذه الغاية تمّ جلب عددٍ من السبايا الإيزيديات إلى مدينة الشدادي من مدينة الموصل معقل التنظيم. أما منذ قرابة الأسبوعين فقد تمّ نقل قرابة الـ40 سبيّةً كنّ يقمن في المدينة السكنية لحقل العمر النفطيّ ليلاً إلى مدينة الميادين، حيث تم احتجازهنّ وتشديد الحراسة عليهنّ، فيما يُظن أنه تمهيدٌ لتوزيعهنّ على بعض قادة وعناصر التنظيم في المنطقة. وقد سبق أن قام التنظيم بتوزيع ما يقارب 300 فتاةً وسيدةً أيزيديةً على عناصره في سوريا، جلّهنّ ممن تمّ اختطافهنّ في شمالي العراق في وقتٍ سابق.
ورغم صعوبة العملية، سبق أن نجحت محاولات هروب بعض هؤلاء الأسيرات. إذ شهدت المدينة السكنية لحقل العمر، في وقتٍ سابقٍ، هروب ثلاث إيزيدياتٍ من منزل أحد قياديي التنظيم، بمساعدة أحد عناصر التنظيم ذاته، والذي قام بتهريبهنّ من سور المدينة، وفق ما أفاد به السكان.
أوردت بعض وسائل الاعلام أخباراً غير صحيحةٍ عن وجود سوقٍ لبيع السبايا في مدينة الميادين. لكن، هل يلزم وجود سوقٍ لتصوير حجم المأساة؟