- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
بحثاً عن مجد ضائع.. محمد خير ذياب الماشي مثالاً في منبج
استطاع محمد خير الماشي، في يوم الثلاثاء 28 أذار الفائت من العام الجاري، جمع نحو 100 شخص من عشيرته وأقاربه، وقاد مسيرة مؤيدة لنظام الأسد في قرية أبو قلقل (جنوب شرق منبج 15 كلم) والتوجه بهم إلى مدينة منبج، حيث كان ينتظره هناك العشرات من مناصريه وأبناء عشيرته بغية الحشد لمسيرة كبيرة تدعو لعودة نظام الأسد وجيشه لمدينة منبج، والمطالبة بطرد ما أسموه الاحتلال التركي وكذلك الاحتلال الأمريكي لمنبج.
المسيرة التي تحرّكت من أبو قلقل، والتي قادها محمد خير ذياب الماشي -الابن الخلف لوالده ذياب، أحد وجهاء عشيرة البوبنا وعضو مجلس الشعب السوري سابقاً- برفقة أبنائه وأقاربه كمحاولة للبحث عن مجد ضائع وتسلّم مقاليد السيطرة على مفاصل منبج، رفعتْ أعلام نظام الأسد، ولافتات طالبت بخروج القوات الأمريكية من منبج والتركية من شمال سوريا، وهتفت بشعارات الموالين المعتادة بالروح بالدم.. لتصطدم بقوات قسد التي لم تُعارض المسيرة في البداية ظناً منها أن المسيرة ستكون فقط ضد الوجود التركي في المنطقة، إلّا أنها وجدت أن الهتافات واللافتات طالَت تواجدها وداعمها الأبرز(الأمريكيون) في المنطقة، فقامت قواتها بتفريق المسيرة بين مدينة منبج وأبو قلقل بالرصاص الحي، واعتقلت معظم المشاركين فيها، ومن بينهم ابنا محمد خير الماشي وأحد إخوته وأقاربه بالتزامن مع حملة اعتقالات لآخرين في أحياء مدينة منبج.
لم تكتف قسد بذلك، إذ قامت قوة أمنية تابعة لها بمحاصرة قرية جعيفية الماشي مسقط رأس محمد خير، وقطع الطرق في محيطها بحثاً عن منظمي المسيرات المؤيدة لنظام الأسد، كما تعرّض المشاركون في المسيرة لموجةٍ من الشتائم والمطاردة في أحياء مدينة منبج من قبل الأهالي، كون المدينة تعتبر أحد أبرز المدن الثائرة على نظام الأسد منذ مطلع عام 2011، لتنتهي محاولات الماشي بالفشل بعد الرد العنيف من قسد، إلّا أنه استمر ويستمر حتى اللحظة بمحاولات الحشد لعودة نظام الأسد للمنطقة، على أمل أن يحصل على مكاسب أضحت كحلم يُراوده.
تُعدّ الأهداف التي يطمح من خلالها محمد خير الماشي لعودة النظام لمدينة منبج وريفها كثيرة، لكن أبرزها تكمن تماماً في محاولته تجاوز فشله في عام 2015 في الحصول على أصوات أهالي منبج في انتخابات مجلس الشعب، على عكس المرشحين من باقي المناطق، وكذلك في محاولة إعادة أمجاد والده في المنطقة، واستعادة هيبته المفقودة لاعتبار نفسه شيخ عشيرة البوبنا بعد أن أُوكلت إلى بيت العجور في المنطقة.
عاد محمد خير الماشي لمدينة منبج بعد سيطرة قوات قسد عليها، حيث كان مطلوباً لقوات الجيش الحر نظراً لارتباطه بالنظام. ومع دخول قوات قسد عاد لمنطقته، كما تمكن من إدخال أبنائه ضمن منظومة قسد للإدارة المحلية لمدينة منبج، إذ تسلم ابنه علاء مُهمّتين إحداها ضمن لجنة الصلح، والأخرى في ديوان العدالة، رغم عدم حصوله على أي درجة علمية سوى إنه ابن محمد خير الماشي.
كما عمل محمد خير فور عودته على إعداد الكثير من الولائم بغية شراء ولاءات قيادات قوات قسد لجانبه، خاصة إبراهيم البناوي أحد أبناء عشيرته قائد فصيل جند الحرمين ضمن قوات قسد، وبقيّة القيادات الكردية كعدنان أبو أمجد القائد السابق لمجلس منبج العسكري الذي قُتل في معارك مدينة الرقة، وعدد من شيوخ العشائر في المنطقة.
فشل الماشي بإحراز نفوذ كبير في دوائر قسد المحلية في منبج، وظلّت تبعيته للنظام والتزامه بما يخطط له حول منبج أشد من أي تابعية أخرى. وكان أبرز الواقفين ضده هم أبناء عشيرته البوبنا حين اختاروا عواد العجور شيخا للعشيرة، وهو من الرجال الذين لم يُعلنوا موقفاً واضحاً من الثورة، إلا أنه وقف بشكل واضح ضد قرارات قسد وتجاوزاتها، كما أنه رافض لعودة النظام وتصرفات محمد خير الماشي في المنطقة.
العجور تمكن من إحياء دوره في المشيخة وسحبها من آل الماشي، وتمكن من حشد كافة العشائر للوقوف في وجه قسد، بل قاد الرفض لممارسات قسد، وطالب وبقية العشائر بدور أكبر لهم في حكم مدينتهم، وكذلك في تثبيت أركان مشيخته وسحبها من محمد خير.
يمكن القول إن نظام الأسد وجد في عشيرة البوبنا عبر محمد خير الماشي طريقاً للعودة إلى منبج، كما وجد محمد خير في النظام سلطة واسعة قد يحصل عليها ويعود من بوابتها لمجلس الشعب. لكن العشيرة تداركت ذلك عبر إصدارها عدة بيانات عينت من خلالها عواد العجور شيخاً عاماً لها، وأكدوا كذلك رفضهم لكل محاولات التواصل مع نظام الأسد، وكذلك التجاوزات العديدة لقسد في المنطقة، من خلال خلق توازن وإضعاف كفة النظام بشكل كامل جنوب شرق منبج، وهي المناطق الأقرب لنظام الأسد.