- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
امتحاناتٌ، وطلبةٌ تتنازعهم المخاوفُ والأسئلة
من امتحانات الهيئة الوطنية للتعليم (الائتلاف)
أسئلةٌ كثيرةٌ تدور في أذهان الطلبة الذين يعدّون هذا العام للامتحانات بشقّيها؛ امتحانات وزارة التربية التابعة للنظام السابق، وامتحانات الائتلاف. ففي كلٍّ من الشقين مجموعةٌ كبيرةٌ من المخاوف تخلق الكثير والكثير من الأسئلة التي تبقى - ونحن قاب قوسين أو أدنى من الامتحانات - معلقةً تزيد من قلق الأهالي والطلبة على حدٍّ سواء.
كابوسٌ جماعيٌّ يتكرّر مجدّداً
الامتحانات وفق النموذج الأوّل هي التي ينخرط فيها العدد الأكبر من الطلبة. وفي محافظة دير الزور لا بدّ من تقديمها في منطقتي الجورة والقصور، وهما حيّان تحت سيطرة الجيش النظاميّ. (س. ص) والدة أحد الطلبة الذين ينتظرون امتحان الشهادة الثانوية، تحدّثت عن مخاوفها بالقول: قبل الثورة كان الامتحان يرعبنا، ويشكل ضغطاً كبيراً علينا، أما الآن فنحن نتذكر تلك الأيام بشيءٍ من الحسرة؛ فذهاب أبنائنا إلى الامتحان اليوم فيه من المصاعب ما لا يطاق. فإن سمح الجيش الحرّ بعبورهم إلى المدينة لتقديم الامتحان - بخلاف ما فعل في العام الماضي - فأمامهم طريقٌ بريٌّ طويلٌ وشاق، تليه حواجز للجيش النظاميّ أيّ عابرٍ منها مشتبهٌ فيه، وأيّ تشابهٍ بين اسمه واسمٍ آخر، أو أيّة كنيةٍ يحملها من عُرف عن أقاربه أنهم معارضون، تعني أن عليه أن يضع يده على قلبه حتى ينجو منهم، هذا إن نجا. بعد ذلك يصل إلى مدينةٍ على كفّ عفريت، فمن الممكن أن يكون عرضةً لرصاصةٍ أو شظيةٍ قاتلةٍ في أيّة دقيقة. هذا إن اختار الذهاب والإياب كلّ يوم، أما إن كان يفكر بالإقامة في المدينة فأمامه رحلة عناءٍ طويلةٍ جداً جداً للبحث عن منزلٍ قد يصل إيجاره في بعض الأحيان إلى 50 ألف ليرةٍ في الشهر الواحد. وإن كتب له النجاح في الثانوية العامة، فأين سيدرس الجامعة مثلاً؟ في حلب أم في دمشق، لتعيش الأم ما تعيشه أمهات الطلبة الآن في هذه الجامعات من قلق؟ كل هذا ولم نصل بعد إلى الصعوبات الدراسيّة ومدى قدرة الطالب على التركيز لكي يقدّم في الامتحان حصيلة ما درسه طوال عامٍ كامل.
هذا إن اختار الطالب الامتحان عن طريق النظام ووزارة التربية التابعة له. ولكن ليس كل الطلبة يمكنهم أن يتقدّموا من خلاله، فهناك عددٌ لا يستهان به منهم يقدّم عن طريق الائتلاف ووزارة التربية في الحكومة المؤقتة. حول الأسباب التي تدفع إلى ذلك التقينا بالشاب محمود صادق، أحد الطلبة الذين سيتقدّمون إلى هذا الامتحان، فقال: هناك من الطلبة من يمنعه اسم أسرته من الذهاب إلى دير الزور، كأن تكون الأسرة معروفةً بأنها معارضة، أو يكون الأب أو الأخ منتسباً إلى إحدى الفصائل المقاتلة. أو قد ترفض العائلة ذهاب ولدها إلى الجورة والقصور خوفاً من الحواجز وما يسمعونه عن الجيش النظاميّ وهمجيته.
هل شهادتي حبرٌ على ورق؟
وحول أهمّ المخاوف التي يعايشها الطلبة الذين يتقدّمون للامتحان عن طريق الائتلاف ووزارته حدثتنا الطالبة سيرين بهاء: أهم المخاوف الآن لا ترتبط بالامتحان نفسه، كما كان يحدث سابقاً، بل ترتبط بما يلي هذا الامتحان، أي المستقبل الذي ينتظرنا كطلبة. كثيرٌ من الدول لا تعترف بشهاداتنا، والدولة التي نقيم فيها تعتبر شهادتنا حبراً على ورق، والقائمون على الجامعات فيها يعتبرون هذه الشهادة تهمة. أنا سأتقدّم للامتحان الآن ولا يوجد أمامي شيءٌ واضح. تدور في ذهني أسئلةٌ كثيرةٌ يتمحور أهمّها حول مصير مئات الطلاب الناجحين بامتحانات الائتلاف في العام الماضي، والذين لم تقبل شهاداتهم إلا في بعض البلدان. هل هناك بعثاتٌ أو منحٌ إلى دولٍ يمكن أن تقبل شهاداتنا؟ وما هي المعايير المعتمدة لاختيار الطلاب الحاصلين على المنح؟ من المخوّل بإجابتنا حول كل هذه الأسئلة؟