- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
الواقع الطبي في عين العرب (كوباني)نقلُ دم مخالف وسيروم ملحي لمصاب بالضغط وتُهم بسرقة أعضاء بشرية
كيف يثق الناس بمشفى يرتكب طاقم العمل فيه أفعالاَ تزيد من إلحاق الضرر بالمرضى، بدلاً من المساعدة على استعادة عافيتهم؟
بهذه الكلمات بدأ حسن حديثه. حسن يزور يومياَ ديانا داخل مشفى الأمل في مدينة عين العرب (كوباني). كادت ديانا أن تفقد حياتها نتيجة خطأ ارتكبه ممرض في المشفى، حين قام الممرض بإعطاء دم مخالف لزمرة دم المريضة، الأمر الذي كاد يودي بحياتها لولا التدخل العاجل للأطباء.
هذا الخطأ ليس الوحيد، فقد نشر الناشط عارف سالم (عبر صفحته على الفيس بوك) بأن امرأة فقدت حياتها في المشفى نفسه، نتيجة إعطائها (سيروم ملحي) وهي مصابة بالضغط. الحادث مرَّ مرور الكرام، دون أن يُجرى تحقيق حوله. يقول عارف لـ عين المدينة إنه من خلال تواصله مع أطباء قريبين من الهيئة الطبية، أكدوا بأن المشفى غير مرخص لدى الهيئة، وهنالك شكوك بشأن إغلاقه نتيجة تلك الأخطاء. فالمشفى كان العامل الوحيد خلال الحرب بين وحدات الحماية الشعبية وتنظيم داعش أواخر العام 2014. الأخطاء الطبية ناتجة عن قلة الكوادر الطبية، لكن المشفى مستمر في عمله حتى الآن.
وتخضع مدينة عين العرب التي يسكنها أكثر من 70 ألفاَ للإدارة الذاتية في شمال سوريا، والتي أنشأت هيئات إدارية خاضعة لها، منها (الهيئة الطبية) التي تُسيّر الأمور الطبية، و(غرفة المهن الطبية)، وتقوم بدورها بتعيين العاملين ضمن المشافي والمراكز الصحية. التوزيع لم يتم بشكل مناسب، بحسب ما أكد أحد الممرضين والذي ترك المهنة بعد العديد من الأخطاء التي حصلت أمامه. يشرح الممرض بأن حياة المرضى في خطر لعدم وجود التعقيم، وغياب الأكاديميين. كما أن التعيينات اقتصرت على الموالين للإدارة، والذين حضروا ورشات دامت لثلاثة أشهر، ليعملوا فيما بعد ضمن هذه المشافي والدوائر، بحسب الممرض.
وتابع الممرض ذاته بأنه في العديد من المرات كان هنالك حاجة ضرورية من المرضى للدم، ولكن المشفى لم يكن يقدم الدم المتوفر لديه، أو يلجأ إلى بيعه بأسعار تفوق ال 7000 ليرة سورية. ويذهب الممرض إلى أن الكادر يُصدر في بعض الأحيان تشخيصاً كاذباً لعدم وجود الأدوية الضرورية.
ويتواجد في مدينة كوباني أربعة مشافي هي، المشفى العسكري ذو الإمكانيات العالية والمقتصرة على معالجة العسكريين، ومشفى الأمل الخاص، ومشفى التوليد (ايكور) ويديره الهلال الأحمر الكردي، وهو المشفى الوحيد الذي يؤمن الأدوية للمرضى بكميات متواضعة، ومشفى كوباني (مشفى فيينا سابقاَ)، وقد صادرت (الهيئة الطبية) المشفى من صاحبه، وأعادت تسميته، بعد أن كان يؤمن كافة مستلزماته من منظمة أطباء بلا حدود.
جميع المشافي تكتفي بالمعاينة، دون أن تقدم الأدوية، الأمر الذي يُحمّل المرضى أعباء إضافية، في ظل فقدان العمل في المدينة، وقلة أجورهم اليومية. على أن عمل الهلال الأحمر الكردي الداعم لمشفى (إيكور) في المدينة سدّ بعض الاحتياجات، وقد استقبل المشفى خلال الشهر الأخير من العام 2017، أكثر من 978 مراجعة، منها معاينات وولادات طبيعية وولادات قيصرية. كما تم إجراء 466 تحليلاَ مخبرياَ في ذات الفترة، وبلغ عدد الأطفال في الحواضن 42 طفلاً.
وشرح الطبيب نعسان أحمد (مسؤول الهلال الأحمر) لـ عين المدينة بأنه رغم الوضع الجيد نسبياَ للمشفى، فإنه يُعاني من نقص في الأدوية والمعدات والأجهزة الطبية اللازمة والضرورية، إلى جانب المعاناة التي يخلقها عدم وجود بنك للدم، وهي من كبرى المشاكل الطبية في المنطقة. يُضيف الطبيب أن «المشفى هو الوحيد الدي يعمل بالمجان في المنطقة، لذلك يقصده الناس من جميع مناطق شمال سوريا، وحتى من الرقة والدير ومنبج والطبقة».
حتى الأمس القريب كانت المدينة خالية من طبيب مختص بالعيون، ولكن مع افتتاح (مركز نور العين) المختص، وتحت إشراف طبيب أخصائي، صار يتأمل المرضى خيراَ، بحسب الشاب آزاد من المدينة، ويتابع «لكن المركز يتلقى مبالغ ضخمة، ما جعل مسألة وجوده شكلية».
الجهات المسؤولة عن الوضع الطبي رفضت الرد على استفساراتنا حول شكاوى المرضى وذويهم من المشافي، حتى وصل الأمر إلى تُهم وُجّهت إلى (الهيئة الطبية) من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص سرقة أعضاء بشرية -كلى-، نهاية العام 2017 في مشفى كوباني، ما دفعها إلى إصدار بيان جاء فيه أن «مشفى كوباني لا يحتوي على أقسام الجراحات النسائية والتوليد، ولا يوجد فيه قسم الكلية وجراحتها، أو قسم غسيل الكلى».
وأكمل البيان أن مشفى كوباني ومناطق شمالي سوريا تفتقر لإمكانيات نقل الأعضاء البشرية «لعدم توفر المخابر المتخصصة والأجهزة الخاصة والكوادر الطبية المؤهلة لمثل هكذا عمليات». مضيفاً أنهم من خلال مراجعتهم سجلات المشفى لم يجدوا حتى الآن سوى عملية واحدة لاستئصال الكلية، وذلك بسبب حادث سير، لإنقاذ حياة المريض، وكانت «بموافقة الأهل والمرافقين أصولاً»، وفق البيان.