الهيئة الشرعيّة في المنطقة الشرقيّة

عدسة نوّار | دير الزور

الهيئة الشرعيّة في المنطقة الشرقيّة
خطواتٌ إيجابيّةٌ بعد جمودٍ طويل

منذ تشكيلها، لم تتمكّن الهيئة الشرعية العليا في المنطقة الشرقيّة من فرض نفسها كمؤسسةٍ قضائيةٍ مرجعيّةٍ مهمّتها تطبيق العدالة وتحسين الأوضاع المعيشية للناس. قد يعود ذلك لسوءٍ في اختيار أعضائها، أو لعدم امتلاكها قوةً لفرض سلطتها وبسط الأمن والأمان في المنطقة.
اليوم، وبعد مرور أكثر من 9 أشهرٍ على تأسيس هذه الهيئة، تمكّنت من إثبات وجودها بعد توافر الظروف المناسبة، عندما اجتمعت أقوى الفصائل المقاتلة من الجيش الحرّ وكتائب إسلاميّة تحت راية الهيئة، التي اتفق القائمون عليها على ضرورة وضع حدٍّ للتجاوزات والفوضى والمشاكل التي سبّبت تذمّر الناس.

 

تحركٌ مباركٌ ولكن...

قامت الهيئة الشرعية مؤخراً بالسيطرة على حقل الغاز الطابية (كونيكو)، وتحرير حقل العمر النفطي الذي كان ما يزال تحت سيطرة النظام، إضافةً إلى السيطرة على عددٍ من آبار البترول التي كانت مشاعاً للعابثين وضعاف النفوس. ويعِد القائمون على الهيئة الشرعية بمتابعة تأميم كافة الحقول والآبار في المنطقة الشرقيّة، وحمايتها من السرقة والعبث. وقد أكسب هذا التحرك الهيئة زخماً شعبياً، وألبسها ثوب الهيبة والاحترام. لكن ماذا بعد تأميم النفط؟ يتساءل الجميع. وكيف سيتم توزيع موارده؟ وهل ستمتلك الهيئة القدرة على المتابعة في التأميم أم أنها ستتوقف؟
طرحنا هذه الأسئلة على أحد أعضاء الهيئة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فأجابنا: "إن ما قامت به الهيئة لن يكون حالةً مؤقتة، بل ستتابع حتى النهاية ما دامت الظروف ملائمةً والمتطلبات موجودة. وما يحدّد القدرة على المتابعة في المستقبل هو التفاف الفصائل حول الهيئة واجتماع رأيهم. أما ريع النفط فلم يحسم موضوعه حتى الآن، لكن الآراء متفقة على أن يذهب لدعم مسائل التسليح والإغاثة والخدمات كأولويات".

 

كبح جماح الفوضى

وربما يكون أفضل ما قامت به الهيئة في الفترة الأخيرة هو محاربتها للفوضــــى وملاحقـــة قطـــاع الطريـــــق (المشلّحين) ومعاقبتهم، وإزالة الحرّاقات من أطراف المدن والتجمعات السكنية، إضافةً إلى الحملة التي قامت بها في مدينة الميادين، حيث تدخلت في حلِّ قتالٍ نشب بين عشيرتين بينهما ثأرٌ قديم، فقامت بسحب الأسلحة من الطرفين، وإزالة الحواجز التي وضعوها أمام بيوتهم. كما قامت بمنع حمل السلاح داخل الميادين تحت طائلة الحجز، وبإنهاء حالة الازدحام في وسط المدينة، بنقل حافلات السفر التي كانت تسبب ذلك الازدحام إلى الكاراج المخصص لها، إضافةً إلى إبعادها البسطات عن الطريق، ومكافحتها لجشع بعض التجار ورفعهم لأسعار السلع والمواد الغذائية، فطلبت منهم الالتزام بالأسعار المحدّدة تحت طائلة الاعتقال.
وعن هذا العمل حدّثنا عضو الهيئة الشرعية قائلاً: " لن تتوقف الهيئة ـ إن شاء الله ـ عن مكافحة الفوضى. فلقد ضاق صدر الناس من هموم الحرب، لتأتي الفوضى وغلاء الأسعار ومخاطر السلاح لتثقل كاهلهم وتزيد من مآسيهم. سنلتزم بهذا في كل المناطق تدريجياً، إن بقيت الظروف مواتية".

 

الهيئة في عيون الناس

oil2

ولكي تتضّح الصورة كانت لنا وقفةٌ مع بعض المواطنين في الميادين، وسألناهم عن رأيهم في عمل الهيئة في الفترة الأخيرة. فعبّر عبود، وهو ناشطٌ إعلاميٌّ، عن سعادته من التحرك الأخير الذي قامت به الهيئة، التي رأى أنها تسير على الطريق الصحيح. ودعا الناشطين إلى الوقوف بجانبها فيما تقوم به. أما أبو سالم، وهو أحد أصحاب البسطات، فقال: "لم يزعجني إبعاد بسطتي عن الطريق، لأن الهيئة لم تستهدفني وحدي بل طبّقت القرار على الجميع. وأنا راضٍ عن ذلك إن كان التنفيذ دائماً هكذا". ويقول أبو عمار، وهو أبٌ لثلاثة أطفال: "الآن أصبحت أرسل أبنائي إلى المدرسة، بعد أن كنت أخشى عليهم من حملة السلاح الذين كانوا يملؤون المدينة".
بينــــما قال لنا الحاج أبو سلـــيمان عبــــــارةً واحدةً بالعامـــــيّة: "الله يعطـــــــيهم العافية... ريَّحونا".