المعتقلون في سجون "الدولة الإسلامية" وتساؤلاتٌ عن مصيرهم في ظلّ ضربات التحالف

يشعر ذوو المعتقلين في سجون تنظيم "الدولة الإسلامية" بقلقٍ كبيرٍ على مصير أبنائهم، على وقع هجمات طائرات التحالف على مقرّات التنظيم.

في جلســةٍ خاصــــّةٍ، قدّر أحد شرعيي "الدولة الإسلامية" أعداد المعتقلين لدى التنظيم في محافظة الرقة بـ(1500) شخصٍ، يتوزّعون على (8) سجونٍ داخل المدينة وفي ريفها. أما أعـــداد من أوقفوا لأسبابٍ مختلفةٍ وتمّ إطلاق سراحهم فهي تفوق هذا الرقم بكثير. وفي يوم إعلان "الخلافة" أطلق التنظيم سراح 100 شخصٍ تقريباً، كانوا قد اعتقلوا بتهمٍ خفيفةٍ، مثل بيع الدخان والجهل بكيفية أداء الصلاة والمشاجرات، بحسب ما يقول عبد المجيد، وهو أحد الذين أطلق سراحهم وقتها.
وعلى وقع هجــــمات طائــــرات التحالف على مقرّات التنظــــيم، يشعر ذوو المعتقلين في سجونه بقلقٍ كبيرٍ على مصير أبنائهم. تقول أم إبراهيم، وهي أمّ أحد هؤلاء المعتقلين، إنها "خائفةٌ وحزينةٌ جداً"، لا "حباً بالدولة إنما خوفاً على ابني المعتقل في سجونها". وهي تعيش أوقات الغارات الجوية برعب: "كلّ غارة تضرب قلبي قبل ما تضرب داعش. ووقت تجي الطيارة أحسّ بصوتها مثل شخير الموت. ولما أسمع صوت الانفجار أحسّ بقلبي سقط وينزل ضغطي، لحتى أتأكد أنه ما بي إصابات بين المساجين". تكمل أم إبراهيم وهي تدافع البكاء: "ابني ما أذى حدا. كان يصلي وحافظ 20 جزء من القرآن. أخذوه من أربع شهور، لأنه إعلامي بالثورة. وما خلوني أشوفه". ترفع يديها للسماء: "داعش يدعسهم ربهم. الله يخلّصنا منهم بأهون سبب". ويتساءل أبو أحمد، وهو أبٌ لمعتقلٍ في سجون التنظيم بتهمة الانتماء إلى الجيش الحرّ: "إن كانت الدولة تتخذ من المعتقلين لديها دروعاً بشرية".
بحســب الأخبـار الشـحيحة عن السجون، قام مقاتلو التنظيم بنقل المعتقلين إلى أماكــن احتـــــجازٍ سرّية. وتخشى عائلاتهم من احتجازهم في مقرّاتٍ تعتبرها طائرات التحالف أهدافاً عسكرية. ولم يقدّم التنظيم حتى الآن أية إجابةٍ حول مصير هؤلاء السجناء أو أماكن احتجازهم. وفي مرّاتٍ كثيرةٍ ينكر مقاتلو التنظيم وجود بعض المعتقلين في سجونهم. تتهرّب حنين، وهي شقيقة معتقلٍ، من الحديث. ثم لا تلبث، وبعد أن تتلفت حولها، أن تحاجج عناصر التنظيم: "مو يقولون هم على حقّ ويطبقون الشرع؟ ليش ما يعترفون بأخطائهم؟! أجو عالبيت وخطفوا أخوي وجرّوه مثل الوحوش. شفتهم بعيوني. ولهاللحظة ومن شهور ينكرون وجوده عندهم". ويشبّه صالح، وهو شقيقٌ لشابٍّ معتقلٍ لأنه ترك التنظيم، أفعال مقاتلي "الدولة" بممارسات عناصر الأمن: "أيام بشار كانوا يقتلون ويعذبون بحجّة الإرهاب والمؤامرة، وبأيام داعش يتحجّجون بالإسلام والخلافة". وينفي صالح صفة التدين والانتماء للإسلام عن حكام الرقة. ويستدلّ على ذلك بوحشيتهم الفظيعة وعدم مبالاتهم بحياة المسلمين: "لو كانوا مسلمين كانوا طلّعوا عفو وأنقذوا حياة المساجين من ضربات الطيارات. أو على الأقلّ كانوا خلونا نشوفهم ونتطمّن عليهم، وقالوا لنا بس ليش همّ مسجونين!".
في الرقــــــة، وفي أيّ مكانٍ آخر يخضع لسيطرة التنظيم، قد يودي أيّ تصرفٍ، ومهما كان عفوياً وعديم الأهمية، بصاحبه إلى السجن والإخفاء القسريّ، وفي بعض المرّات إلى الموت. وكما في أيام البعث وحكم الأسد، قد تكون وشايةٌ من أحد المخبرين سبباً للاعتقال. لقد "رجعت أيام الأسد بلونٍ جديد"؛ تقول نور، وهي زوجة عاملٍ في محلّ ألبسةٍ قاده حظه العاثر، أو قادته شجاعته كما تقول نور، إلى التدخل فيما لا يعنيه. إذ حاول الدفاع عن امرأةٍ دخلت المحلّ وكشفت عن وجهها، فشاهدها عنصرٌ من الحسبة وبدأ بتقريعها وإهانتها بقسوةٍ، ليتدخل البائع -بعد أن تأثر ببكاء المرأة- ويطرد عنصر الحسبة من المحلّ، فيقوم الأخير بطلب مؤازرةٍ من جنود التنظيم، ويُعتقل البائع وتُمنع زوجته من زيارته بحجّة عدم انتهاء التحقيق منذ شهرين وحتى اليوم.
في قصــص المعتـقلين وذويهم عذاباتٌ إضافيةٌ فوق عذاباتهم، تتجسّد في خوفهم على أبنائهم من قذائف الطائرات التي جاءت لتحارب من يحتجزهم.