المجلس الشرعي في محافظة حلب

المؤتمر التأسيسي الأول

النشأة والتأسيس

هو مؤسسة جامعة لأصحاب الاختصاص الشرعي في حلب وريفها (ذكوراً وإناثاً)، ترعى مصالحهم وتتابع شؤونهم، وتسعى إلى سد الفراغ الشرعي والتعليمي والوقفي في محافظة حلب الحرة. عقد المجلس مؤتمره التأسيسي الأول في حزيران 2013 بعد سلسلة مشاورات شارك فيها معظم العلماء وطلاب العلم الشرعي في حلب أفراداً وهيئات. ويعدّ أول مؤسسة شرعية في محافظة حلب يتم اختيار رئيسها ومجلس أمنائها بعملية انتخابية شارك فيها أكثر من 120 شخصاً. ويبلغ عدد أعضائه في الوقت الحالي أكثر من 800 عضو، منهم 450 مقيمين داخل المحافظة.

يقول الشيخ عبد الله العثمان، الأمين العام للمجلس: «هَدَفْنا عند تأسيس المجلس إيجادَ مرجعية شرعية واحدة للشؤون الدينية في محافظة حلب، من حيث إدارة شؤون المساجد والتعليم الشرعي والإفتاء والدعوة وإدارة الأملاك الوقفية. ويتمتع المجلس بالاستقلالية الكاملة فكرياً وإدارياً وفي علاقته بسائر السلطات».

ويقول الشيخ محمد ياسر أبو كشة، رئيس المجلس الشرعي، في لقاء مع «عين المدينة»: «أبرز ما يميّز المجلس هو إيمان أعضائه بفكرته وأهميتها ودعمهم لها من مالهم الخاص، وهو أحد الأسباب الرئيسية التي حافظت على تماسك عمل أفراده خلال أربعة أعوام خلت، رغم شحّ الإمكانات المقدّمة لدعاته ومدرّسيه في الثانويات الشرعية على وجه الخصوص».

في منتصف نيسان 2014 اجتمعت قرابة 40 رابطة علمية وشرعية في أنحاء سورية، بعد سلسلة من المناقشات والجهود، وأعلنت تأسيس «المجلس الإسلامي السوري» بهدف «تكوين مرجعية شرعية وسطية موحِّدة للشعب السوري تحافظ على هويته ومسار ثورته» كما جاء في بيانه التأسيسي، ليكون المجلس الشرعي من أبرز مكوناته في محافظة حلب.

الهوية والانتماء

ولد المجلس الشرعي في محافظة حلب من رحم الثورة، وينتمي إليها ببعدها الوطني والأخلاقي فكراً وتطبيقاً، إذ يعدّ الشعبَ ومشروع الجيش الحرّ وحدَهُ من يمثّل الثورة، وخيرُ من يعبّر ويدافع عنها وعن أهدافها بعيداً عن الحزبية والفصائلية. ومن هذا المنطلق جاءت مواقف المجلس وفتاواه منذ تأسيسه وحتى اليوم، إذ كان له قصب السبق في إصدار فتوى لرد عدوان تنظيم دولة العراق والشام في محافظة حلب، أما مؤخراً فقد كان من أبرز مواقفه فتوى بيّن فيها حرمة «التغلب» بحجة توحيد الفصائل (في إشارة إلى هيئة تحرير الشام التي هاجمت عدة فصائل مؤخراً).

نشاطات المجلس

فضلاً عن إدارة المساجد وشؤون الأوقاف يقوم المجلس بنشاطات دعوية علمية وتعليمية عدّة، بعضها آنيّ كالنشاطات الرمضانية والمسابقات وغيرها، وبعضها مستمر كالزيارات التوعوية للثوار على الجبهات. وكذلك التعليم الشرعي وهو من أبرز الملفات التي يتولاها المجلس، إذ يعتبرُ أن تفكيك ثقافة الغلو والتكفير ثغرة عظيمة لا بد من سدّها وعدم تركها فارغة لجهات أخرى قد تملؤها بـ«أفكار بعيدة عن الفهم الصحيح للإسلام والهدي النبوي القويم».

افتتح المجلس ما يقارب 32 ثانوية شرعية تعلم خلالها 2500 طالب وطالبة، متوزعين في حلب المدينة (سابقاً) وأريافها. وحالياً يدير مكتب التعليم في المجلس 24 ثانوية شرعية للذكور والإناث تتوزع في أرياف حلب كافةً، ويبلغ عدد طلابها 2096 طالباً و313 معلماً وإدارياً، ويسعى إلى افتتاح مدارس أخرى في بعض القرى البعيدة، ضمن خطة لزيادة العدد إلى 30 مدرسة في حال توافرت الإمكانيات المادية والأمنية. ويأتي عمله بالتنسيق مع مديرية التربية في محافظة حلب الحرة التابعة للحكومة السورية (المؤقتة سابقاً).

ورداً على انتقادات يوجّهها البعض للمجلس قال أبو كشة: «إن معظم أعضاء المجلس الفاعلين مقيمون داخل سورية بمن فيهم رئيسه، ولولا دعم أعضائه في الخارج أيضاً لما استمرّ عمل من هم في الداخل، العملية تكاملية كجناحي طائر!».

المجلس الشرعي ودرع الفرات

بعد طرد تنظيم الدولة على امتداد الشريط الحدودي مع تركيا أعاد المجلس افتتاح الثانويات الشرعية في ريفي حلب الشمالي والشرقي، ومن أبرزها ثانوية تركمان بارح التي بلغ عدد الطلاب والطالبات فيها ما يقارب 250. ويقول رئيس المجلس: ساءنا عدم تنظيم الشؤون الدينية في جرابلس وغيرها من مناطق درع الفرات كما ينبغي، إذ لا نود تكرار تجارب فاشلة. نريد هذه المناطق خالية تماماً من أي بيئة حاضنة لأفكار الغلوّ والتطرف، ونتطلّع كمجلس إلى أن يكون لنا دور الريادة فيها، وفي سبيل ذلك وجّهنا كتاباً رسمياً للمجلس الإسلامي السوري للتواصل مع السلطات التركية بهذا الصدد؛ إذ تعتبرُ الأخيرةُ المجلسَ الإسلاميّ جهةً رسميّةً معترفاً بها. وقد بدأت الحكومة التركية بخطوات جيدة على هذا الصعيد من خلال إطلاق دورات للأئمة والخطباء، إلا أننا نأمل بأن تتم هذه الخطوات والنشاطات عبر تنسيق أكبر معنا كمؤسسة فاعلة.