من مناسبةٍ ما أواخر سبعينات القرن الماضي التُقطت هذه الصورة لحافظ الأسد يلاطف الطفلة الطليعية ميرزت عبود. وراء الأسد، في الصف الثاني إلى اليسار، يبدو اللواء محمد الخولي مؤسّس المخابرات الجوّية ورئيسها بين عامي (1970-1987)، ضاحكاً ومهتماً بدماثة القائد وخجل الطفلة التي ستغدو بعد عشر سنواتٍ، أو أكثر بقليلٍ، زوجته الثانية.
لا تتوافر معطياتٌ كافيةٌ عن هذا الزواج، لكن ربما تكون مهنة الأب كامل عبود كضابطٍ طيارٍ قد أتاحت لـ"زميله" ورئيسه في السلك محمد الخولي (المولود في العام 1937) تعارفاً أفضل وفرصةً للوقوع في حب ميرزت (المولودة عام 1967). فحسبما كتبت أثناء مرض والدها قبل أشهرٍ، على صفحتها الشخصية Mirzat Abboud في موقع فيسبوك، أحبت ميرزت الخولي لأنه طيارٌ مثل أبيها وارتدى البزّة الزرقاء ذاتها. جاء هذا التعليق عن حبّ الخولي عارضاً ومشتقاً من حبّ الأب الذي كان عظيماً في نظر ابنته رغم أنه لم يحرز الكثير من النجاح في حياته: "هاد البابا انسان خلاني أعرف شو يعني حافظ الأسد وشو يعني الوفاء لبشار الأسد".
وسوى صورٍ معدودةٍ تنشرها على صفحتها، وغالباً خلف أو جانب حافظ الأسد، لا يظهر للخولي ظلٌّ في حياة زوجته على فيسبوك. ربما احتراماً لخصوصية موقعيه، السابق كأحد أركان الأسد الأب، والحالي كمستشارٍ رفيع المستوى في شؤون الطائفة والأمن والبطش. أو قد يكون غياب الظلّ محاولة تجاوزٍ ما لأسر هذا الزوج الشيخ وفكاكاً من قيده، فتستثنيه كمنبع فخرٍ وتخصّ أباها بذلك: "مع والدي فقط.. تأخذني العزة بالنفس"، "ليتني بقيت صغيرةً حتى لا أغرق إلا في حضنك".
ولكن ميرزت لن تمضي بعيداً عن الخولي في كلّ الأحوال، فما يزال الرجل صانعها ووليّ نعمتها، فمن أمواله أسّست سلسلة مطاعم جيميناي الفخمة، ومنها أيضاً تملكت قصوراً وعقاراتٍ في الساحل ودمشق. وبصيته الذائع حازت عدّة تعريفات؛ فهي رئيسة "فريق شباب دمشق التطوعيّ"، ورئيسة "جمعية بنا لرعاية المكفوفين"، ومديرة "مكتب إغاثة دمشق". ومن مناصبها الثلاثة حققت وتحقق المزيد من الأرباح، اختلاساً من سيل المال الحكوميّ والإيرانيّ المغذّي لهكذا نشاطات، حسبما تلمّح دوماً مجموعاتٌ منافسة.
تمثل ميرزت عبود أنموذج الجيل الأوّل من أبناء الضباط الريفيين الذين ولدو في دمشق، وأُشبعوا تربيةً في منظمات البعث، كالطلائع والشبيبة واتحاد الطلبة، واعتادوا المدينة دون أن ينقص انتماؤهم إلى الجذر في جبال الساحل. ونجحت عوامل عدّةٌ في ترسيخ ما ورثوه عن آبائهم من مشاعر العرفان بالجميل والولاء لحافظ الأسد ومن العصبية الطائفية التي لم تخفف من غلاظتها عقودٌ من الاندماج الظاهريّ بالمدينة، قبل أن تندلع الثورة وتنفصم عرى هذا الاندماج.