- الرئيسية
- مقالات
- رادار المدينة
التعليم في سوريا.. مناهج يكتبها أمراء الحرب ومدارس تخضع لسلطة القذائف
دير الزور - من صفحة "حركة نشطاء" على الفيسبوك
ما يمنع أم فادي، في حيّ باب توما الدمشقيّ، عن إرسال ابنها إلى مدرسته، مع بداية العام الدراسيّ الجديد، مختلفٌ عما يمنع عبد الباري في مخيم النزوح في عرسال اللبنانية. وذهاب نصر إلى مدرسته في الرقة يختلف عن ذهاب مريم في اللاذقية، ولو أن جوانب التشابه هنا حاضرةٌ إلى حدٍّ ما، بحكم تشابه الهيئات القائمة على الإدارة التعليمية بين منطقةٍ يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وأخرى يسيطر عليها البعث... ويقول همام، وهو أستاذٌ جامعيٌّ سوريٌّ هاجر منذ أشهرٍ إلى ألمانيا: "كلّ الكوارث السورية مؤلمة، إلا أن الكارثة التعليمية هي الأشدّ لأنها تنذر بكوارث متتاليةٍ طويلة الأمد".
الكارثة التي يقصدها الاختصاصيّ هنا، ليست فقط دمار البنية التحتية، على اعتبار أن آخر تقريرٍ صدر عن منظمة الأمم المتحدة يقول إن أكثر من نصف المدارس في سوريا باتت غير صالحةٍ للتعليم، ولا فقط بسبب انقطاع الطلاب عن مدارسهم بسبب نزوحٍ أو قطع طريقٍ أو أيّ سببٍ آخر؛ إنما هو باختلاف المناهج والأساليب التعليمية بين منطقةٍ وأخرى، وحرمان جزءٍ من الطلاب من التعليم نهائياً مقابل استمرار جزءٍ آخر، بمعنى تعميق شرخٍ ثقافيٍّ وعمليّ، وتهميش فئةٍ مقابل الاهتمام بأخرى، أو تعليم كلّ منطقةٍ وفق مفهوم ووجهة التيار العسكريّ المسيطر عليها.
في مناطق النظام:
لا تتشابه جميع مناطق النظام في وضعها التعليميّ. والقصد هنا ليس المناهج، فمناهج البعث هي ذاتها في كلّ مدارس سيطرته، لم يتغيّر فيها سوى تعميق مفاهيم النظام وتسويق أخباره وتأييد جيشه، إنما يكمن الاختلاف بحسب الوضع الميدانيّ للمنطقة. فمناطق في ريف دمشق وبعض أنحاء العاصمة تعتبر مفتوحةً على ميادين عملياتٍ عسكريةٍ واشتباكات، ما يجعل مدارس تلك المناطق تعيش حالة توتر، فتستقبل الــــــطلاب يوماً وتغلق أياماً، فيما يرفض الكثير من الأهالي إرسال أبنائهم إلى المدارس، كما يحـــصل اليوم في جرمانا. بينما تعيــــش اللاذقـــــــية وطرطوس وغالبية أريافهما حياةً تعليميةً تقليدية، لا يشوبها -وفق مصدرٍ من مدينة بانياس- سوى ارتفاع أسعار القرطاسية والبذات المدرسية إلى "حدٍّ لا يطاق"، واستخدام الطلاب كحملة أعلامٍ وصورٍ وهتّافين في جنازات قتلى الجيش النظاميّ.
في مناطق تنظيم الدولة الإسلامية:
التغــيير الأكـــبر الذي تشهده العملية التعليمية في سوريا يجري في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، من خلال إلغاء بعض الكتب من المناهج المدرسية، مثل الفلسفة والتربية القومية والتاريــخ، والتركـيز على العــــلوم الشــرعية الإسـلامية، إضافةً إلى فصل المدارس المختلطة بين الإناث والذكور، وتغيير الملابس.
يأخذ عبد المعين طفليه الــتوأم بعيداً عن الرقـــة باتجاه مخيمات تركيا، ليس فقط هرباً من منطقةٍ باتت مهددةً بالقصف كل يوم، إذ يقول إن بيته لم يصب بأيّ أذىً حتى الآن، إلا أن مجمل سياسات التنظيم، وخاصةً التعليمية منها، لا تناسب "الجيل الجديد". ويضيف عبد المعين "أياً كان وضع التدريس في المخيمات فهو أفضل من تدريس الأطفال في مدارس تنتمي إلى العصر الحجريّ".
في لبنان:
لا يختلف تعليم السوريين في لبنان كثيراً عن نظيره في الداخل السوريّ، خاصـــــةً بعد أحــــداث عرسال وتبـــــعاتها. فالطالب السوريّ الذي كان يدرس في مدرسةٍ لبنانيةٍ في العام الماضي محرومٌ في هذا العام من التعليم، بأمرٍ رسميٍّ من وزارة التربية اللبنانية، بسبب ما أسمته الضغط الكثيف على مدارسها القليلة. إلا أنها لم تمنع تدريسهم في مدارس خاصة، وهو ما يشبه المستحيل بالنسبة إلى غالبية السوريين النازحين، بسبب الارتفاع الكبير للتكلفة المالية.
وفق تقــــرير "هدر الإنسانية"، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقدّر نسبة الأطفال السوريين غير الملتحقين بالمدارس بـ51,8%. وتختلف هذه النسبة بحسب المـــــحافظة، لتصل إلى 94% في الرقة. وقد حـــلّت سورية في المرتبة 135 من بين 136 بلداً في معدّلات الالتحاق بالتعـــــليم الأساســــيّ. وذلك حتى نهاية عام 2013 فقط.