كان معصوب العينين، يحيط به ثلاثةٌ من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية المقنّعين. تاللأاويده قدّم أحد هؤلاء العناصر وربط يد المتهم على طاولةٍ، قبل أن يحقنها آخر بمخدّرٍ موضعيٍّ، ويبدأ المتهم نوبة توسلٍ وبكاءٍ واستجداء.
بدت الأداة الحادّة والثقيلة، التي رفعها الثالث، تشبه "ساطور القصابين" إلى حدٍّ كبير، إلا أنّ المعجبين بداعش يؤكدون أنها مصنعةٌ خصيصاً لقطع يد اللصوص. كان البتر غير متقنٍ كما جرت العادة، مما سبّب آلاماً إضافيةً للضحية "المخدّرة"، رغم تضميد معصمه فور تنفيذ "الحدّ". وفي تنويعٍ جديدٍ على طقس عقوبات داعش؛ عُلّقت اليد المبتورة برقبة المتهم، وأُجبر على الوقوف في حوض "بيك آب" يتبع ما يسمّى "الشرطة الإسلامية"، وهي تجوب شوارع الميادين معلنةً، عبر مكبر الصوت، أنّ هذا الشخص سرق عدّة درّاجاتٍ ناريةٍ، ومتوعّدةً كلّ من تسوّل له نفسه السرقة أن يلاقي مصيراً مشابهاً للصّ الدرّاجات البائس هذا.
لم تهتمّ داعش لمصير مقطوعي الأيدي هؤلاء، ولم تأبه لمعاناتهم اليومية، كما لم تسعَ إلى تأمين أدنى مساعدةٍ لهم. ومن خلال تتبع حياة أولئك الأشخاص بعد تطبيق حدّ السرقة عليهم نجد أن منهم من غادر إلى خارج البلاد، أو إلى مناطق خارج سيطرة داعش، نتيجة نظرة المجتمع القاسية، وشعورهم بالدونية، أو تبرّؤ أهلهم منهم وطردهم. كما قام بعض من طُبّق عليهم هذا الحدّ بمبايعة التنظيم نفسه، كردّ فعلٍ على نظرة الناس. في حين استمرّت قلةٌ منهم في حياةٍ لا يمكن أن توصف بالطبيعية، لكنهم تابعوا محاولين التكيّف مع حالتهم الجديدة. في حين لم يجد البعض الآخر إلا العزلة والوحدة خياراً مناسباً لحالته الراهنة. ويعاني غالبية الذين طُبّق عليهم الحدّ من مشاكل اجتماعيةٍ وعائليةٍ، خصوصاً في موضوع الزواج. إذ يروي أحد الشبان -رفض الإفصاح عن اسمه- أن زوجته طلبت الطلاق فور تطبيق الحدّ عليه، بالرغم من أن لديهما خمسة أولاد.
وفي مرّاتٍ كثيرةٍ عاقبت داعش متّهمين ثبتت براءتهم بعد فوات الأوان، نتيجة مسارعة "قضاتها" إلى إطلاق الأحكام التي طالت، في وقائع عدّةٍ، مرضى ومختلين عقليين!