- الرئيسية
- مقالات
- ترجمة
الاحتجاجات في لبنان تخلق انقساماً في حزب الله.. هل سيرد الحزب؟
جيزيه روزينفيلد
عن جريدة الديلي بيست 18 تشرين الثاني
ترجمة مأمون حلبي
أحد قادة حزب الله يقول لصحيفتنا أنه أبداً لن يُطلق النار على شعبه. قائد آخر يتبع الخط المرسوم في إيران، مُلقياً باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل بخصوص الاضطرابات اللبنانية.
منذ تسعينيات القرن الماضي وهو يقاتل إسرائيل، وقد قَتل الكثير من المقاتلين في الحرب الأهلية في سوريا، لكنّ الصعوبات المتزايدة في حياة الطبقة العاملة اللبنانية، والثورة الشعبية ضد قادة البلاد قد أجبرت أبو حسين على إعادة تقييم انخراطه في حزب الله المُمتد على مدار عقود من الزمن. الجماعة، المُصنّفة إرهابية من قِبل الولايات المتحدة منذ ثمانينات القرن الماضي، تدعمها إيران، وهي أقوى من الجيش اللبناني، وتتمتع بفيتو سياسي على سياسات الدولة.
لقد قابلت أبو حسين (اسم مستعار) عدة مرات على مدار الأربع سنوات الماضية، لكن هذا الحديث في ضواحي بيروت الجنوبية لا يشبه أي حديث آخر أجريناه من قبل. فبغض النظر عن شراسة القتال الذي كان قد حصل في سوريا، كان أبو حسين بعد عودته إلى لبنان ثابتاً دوماً في ولائه والتزامه الأيديولوجي بالحزب. لكنه الآن محبط من رد حزبه على السخط الواسع الذي يتملّك الجماهير المنتشرة في الشارع، وقد أثقل عليها الفساد والتقشف وتكاليف المعيشة المرتفعة.
وبعد سنوات من القتال خارج لبنان بصفته قائد إحدى وحدات الرد السريع التي يبلغ عدد أفرادها 200 مقاتل، فإن قضايا محلية وليست قضايا إقليمية هي ما يدفعه لهجران الحركة. في بداية الأمر، بنى حزب الله قوته وسمعته من خلال القتال ضد الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. يقول أبو حسين: "هل أنا عضو في حزب الله ضد الإسرائيليين؟ نعم، أنا كذلك. هل أنا عضو في الحزب عندما يكون الحزب ضد الناس الذين في الشوارع؟ كلا".
قبل شهرين، عندما كان لبنان وإسرائيل على شفير الحرب، كان أبو حسين جزءاً من عملية إعادة انتشار لقوات عائدة من سوريا، وكان يقود دوريات ومهمات استطلاعية على حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل. لكن بعد ذلك -الشهر الماضي- نزلت جماهير الطبقة العاملة والوسطى في كل أنحاء لبنان إلى الشوارع مُعلنة إدانتها للطبقة السياسية الحاكمة، التي تُثري بينما ينهار اقتصاد البلاد. وعوضاً عن تحميل المسؤولية للانقسام الطائفي، أدان المسيحيون والدروز والشيعة والسُنّة في هذه المرة فشل قياداتهم، وبالنسبة لأبي حسين، فإن شيئاً ما قد تغيّر.
يقول أنه يرفض العودة إلى سوريا، وأنه لم يخرج في دوريات الجنوب منذ بدء الاحتجاجات. "مطالب المحتجين مشروعة 100%." وهو يُحاجج بأن عدداً متزايداً من رفاقه المسلحين يُساندون المظاهرات وقطع الطرقات، حيث يهتف المحتجون "كلن يعني كلن". شعار يحمل توبيخاً لكل القادة السياسيين للبلاد. "لقد ارتكب حزب الله خطاً فادحاً. فقد كان يعتبر نفسه أكبر من لبنان. أبداً لم يخالج الحزب الظن أن الناس ستتمرد عليه بهذه القوة، وهو يشعر الآن بضغط الناس عليه."
في مدن كالنبطية وبلدات وادي البقاع، شتم المتظاهرون نبيه بري وحسن نصرالله. يقول أبو حسين: "هناك أطفال لبرلمانيين من حزب الله يقولون لآبائهم أن مطالب الناس يجب أن تُسمع". وهو حريص على إبقاء نصرالله خارج دائرة اللوم، مُلقياً بالمسؤولية على أولئك المحيطين به وعلى نبيه بري، الذي تحوّل من أمير حرب إلى رئيس للبرلمان منذ عام 1992. لكنّ أبو حسين لا يوارب عندما يتكلّم عن رد نصرالله على الانتفاضة. يقول أبو حسين: "فليقل حزب الله ما يشاء. في كل مرة يصل فيها الحزب إلى نقطة يشعر فيها أنه في ورطة مع جمهوره، يُلقي بالمسؤولية على طرف آخر. الحزب الآن في ورطة ولا يعرف ما العمل".
في حين يقول أبو حسين أنه ضمن عدد متزايد من المقاتلين الذي يتركون التنظيم، فإن أبو عبدالله (اسم مستعار) ثابت في تأييده للحزب. قاتل الإسرائيليين عام 2006، وبعدها ساند نظام الأسد وهو الآن يدرب مقاتلين. يقول أبو عبدالله، وهو يصف وحدات حزب الله على امتداد البلاد بأنها "في يقظة تامة"، أنهم يترصدون الأعمال الأمريكية أو الإسرائيلية المزعزعة للاستقرار وسط الاحتجاجات. ويعرف أبو عبدالله أيضاً أشخاصاً من الضاحية يذهبون إلى الاحتجاجات ويسمع عن السخط من حزب الله إلى جانب بقية الطبقة السياسية، لكنه استمع إلى اتهامات نصرالله، وهو مقتنع أن الاحتجاجات ناتجة عن التحريض الأجنبي. "الإسرائيليون والأمريكيون يشعرون أن بوسعهم التسلل عبر هذه الاحتجاجات، لكننا لن نسمح لهم بذلك." يقول أبو عبدالله: "إن تلقيت أمراً أو فتوى بإطلاق النار على الناس، عندها نعم، سأطلق النار على أخي".
بالنسبة لأبو حسين، لا يوجد أمر أو عقيدة دينية يمكن أن تجعله ينقلب على أهله ويهاجمهم، وهو يفضل أن يتخلى عن منصبه على أن يساعد حزب الله باستخدام قوته ضد شعبه. بالنسبة لحزب الله، مخاوفه من أن أعداد من هم على شاكلة أبو حسين تتزايد في صفوفه قد تكون إحدى الأسباب في أن رد فعله، حتى الآن، قد بقي سياسياً