افتتاحية العددين 48-49

جبهاتٌ وإعلام

رغم عدم وجود جهازٍ إعلاميٍّ منظّمٍ ومحترفٍ ينطق باسم الثورة، دفعت الانتصارات التي يحققها الثوّار في جسر الشغور، والمعارك المشتعلة في القلمون ضد ميليشيا حزب الله، إلى تصدّر أخبار الجبهات والأوضاع الميدانية يوميات السوريين. بينما يستمرّ رأس النظام وحليفه نصر الله بالمكابرة والحديث عن انتصاراتٍ خُلّبيةٍ لا تفلح إلا في إحالة مقاتليهم إلى مزيدٍ من النعوش، وتجعل مؤيديهم أكثر جنوناً وهوساً بالبوط العسكريّ. ومن جهةٍ ثالثةٍ، ما زال تنظيم داعش، هو الآخر، يلهث باحثاً عن تحقيق نصرٍ إعلامي يغطي به عورة التمدّد الذي لم يعد ليتحققّ إلا عندما يهاجم أهدافاً منعزلة للنظام المتهاوي.

نتناول في هذا العدد، في ملفٍّ خاصٍّ، بنية وهيكلية داعش العسكرية في محافظة دير الزور، أو، على وجه الدقة؛ المنطقة التي يطلق عليها التنظيم اسم "ولاية الخير"، راصدين بالأسماء بعض قادة التنظيم العسكريين، وأعداد مقاتليه، وأنواع عتادهم وكمياته الموجودة في "الولاية" التي ما زالت داعش تتخبّط في إدارتها تحت جنح الظلام في جوعٍ أرعن للسلطة وتململٍ للسكان يغطّيه التنظيم بالإصدارات المخادعة التي تزعم هناء الناس وهم يعيشون تحت احتلال الخلافة.

إذ يكشف التقرير، وبموضوعيةٍ، عناصر القوّة العسكرية لداعش: أمراء مهووسون بدون خبرة، جموعٌ من الفتية الذين يُلقى بهم إلى الموت دون حسابٍ تقريباً، قد تعوّض ما يعتري عتاده العسكريّ من نقصٍ في بعض أنواعه الضرورية، وهو ما يفسّر ضراوة معارك تدمر الحالية، حيث مخازن السلاح والذخيرة، لتغذية حرب داعش المستمرّة في كلّ مكان، ليأتي إعلام التنظيم ويجمّل ذلك كلّه في إصداراتٍ تضفي المهابة على هذه الكتلة المختلطة من الفوضى والدموية والأسلحة والأمراء المختلين والعناصر الغفل، وتوحي أنه يستحقّ الاحترام بما يليق بـ«دولة»!

وإذا كان إعلام النظام قد تهافت إلى درجة اضمحلال ثقة المؤيدين بأخباره، فإن إعلام دولة الإصدارات ما زال أحد أهمّ أوجه نشاطها وتميّزها، فيما يسير إعلام الثورة ببطءٍ على طريق الاحتراف، ولكنه الأبقى.