أيامٌ عصيبة
ولكن لا شكّ في انتصار الثورة
رغم حاجة الثوّار والمقاتلين وحاضنتهم الشعبية إلى شدّ الأزر والدعم ورباط القلوب؛ إلا أن كلامنا هنا ليس في هذا السياق. بل هو حساباتٌ منطقيةٌ تغيب عن الكثيرين في ساعات الألم الكبير، كالذي يجري حالياً، ويجدر بمن هم أقلّ التصاقاً بهذه المعاناة أن يؤدّوا دورهم في التذكير به.
تخسر قوّات الثورة نعم، وفي أنحاء متعدّدة من البلاد. ورغم أن خساراتها محدودةٌ حتى الآن إلا أنها مؤثرةٌ معنوياً، والأهم أنها مرشحةٌ للتوسّع، مع الأسف. من غير المجدي الآن تذكير الثوّار العسكريين بأخطائهم الشهيرة، من قبيل عدم التوحّد وضعف الإعداد والعشوائية... إلخ، فهم الآن يبذلون ما يستطيعون وزيادة، ويحاولون الصمود أمام حممٍ ناريةٍ متفوقةٍ جوياً ومدعومةٍ بمخازن أسلحةٍ شبه مفتوحة، فماذا في وسع المقاتلين بأسلحتهم البسيطة أن يفعلوا؟ ومن يجرؤ أن يطلب منهم مقارعة الجيش الروسيّ –وقد هبطت دباباته المتطوّرة وأعدادٌ من أفراده على الأرض-، ومقاتلي الحرس الثوريّ الإيرانيّ، والميليشيات الطائفية اللبنانية والعراقية، وما تبقى من قوّات الأسد وشبّيحته ومن يزجّهم في حربه بالتجنيد الإجباريّ؛ كلّ هؤلاء في مواجهة مواطنين عاديين اضطرّوا إلى حمل السلاح دفاعاً عن ثورة الكرامة والحرية من جهة، وعن مدنهم وقراهم بشكلٍ مباشرٍ من جهةٍ أخرى، ولم يحصلوا سوى على دعمٍ متقطّعٍ من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وذخائر غير كافية.
غير أن ما يواسي المرء قليلاً، وهو يشاهد نتائج القصف ومشاهد القتلى والمصابين والمهجّرين، أن الحصيلة العسكرية لكلّ ما يمكن أن ينجزه حلف المجرمين المشار إليهم أعلاه لا يمكن أن تتحوّل إلى رصيدٍ سياسيّ. بغضّ النظر عن العقلية الشعبوية في رؤية الأمور، ومهما بلغ الألم، وحتى لو سيطرت القوّات الروسية والإيرانية على معظم أراضي البلاد؛ فإن الاستحقاقات السياسية التي طرحتها الثورة صارت على طاولة أيّ بحثٍ في مستقبل سورية؛ ومنها بالطبع محاسبة المسؤولين عن الجرائم، بمن فيهم بشار الأسد، ووقف إطلاق النار، والإفراج عن المعتقلين، وبناء دولةٍ تراعي القانون والحرّيات ولو في الحدود الدنيا المقبولة عالمياً. لن يستطيع أيٌّ من حلفاء النظام تجاوز هذه المسائل مهما بلغ تلكؤ المجتمع الدوليّ و«تخاذله»، ولذلك فلنطمئن إلى النتيجة مهما امتدّ الألم الحاليّ.
ثمّ من قال إننا سنستسلم؟!
لا... «رح نكمّل ولو من ضيعة وحدة عالتيل» كما يقول ثوّار حلب.